ابوصفاءالدليمي
05-01-2020, 11:20 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا تقتلوا المروءة
لا تكن سببا في موت المروءة !!
عام 1880 م ماتت ملكة تايلند غرقًا، انقلبَ بها القارب ولم يجرؤ أحد من حراسها على إنقاذها ، لأن القانون يمنع لمس الملكة.... وقفوا جميعًا يتفرجون عليها وهي تلفظُ أنفاسها لأن لمس الملكة عقوبته الإعدام!
طبعًا لستُ ضد أي قانون يحفظ للحاكم هيبته إن كان ضمن المعقول ولا يتنافى مع القيم الإنسانية، ما لا أفهمه هي تلك القوانين التي تقتل المروءة بين الناس !
لو أن سائق سيارة صدم أحد المارة وهرب، وتركه صريعًا يتخبط بدمه ورأيته أنتَ فأبتْ أخلاقُك إلا أن تحمله وتنقله بسيارتك لأقرب مستشفى ومات في الطريق، هل تضمن ألا يعاملوك كأنك الذي دهسه ؟
لو حضرت الشرطة إلى المستشفى وأقسمتَ لهم بالله وحلفتَ على كل الكتب التي أنزلها أن دورك الوحيد في القضية أنك إنسان، أتراهم يتركوك ؟
هكذا هم الناس يقتلون المروءة في الناس، سيعاقبونك وستدفع ديته، ليمر غيرك بإنسان ملقى على قارعة الطريق ويمضي لأنه لا يريد أن يصيبه ما أصابك !
إن كثيرًا من قوانينا وتصرفاتنا تقتل المروءة بين الناس !
الذي يستدين مالًا ثم يقرر أن يأكله على صاحبه إنما يريد من الناس ألا يمد أحدهم يده إلى الآخر، وكما قال المثل العامي: لم أمتْ ولكني رأيتُ من مات!
الذي يطرق بابًا طالبًا زوجة فيحسن أهلها إليه ، ولا يكلفونه ما لا يطيق، بل ويساعدونه لإتمام زواجه، ثم لا يعاملها بالحسنى، إنما يريد من الناس أن يتعاملوا مع بعضهم على مبدأ من لا يتعب في المهر يسهل عليه الطلاق! كل من كان قد قرر أن يكون شهمًا مع خاطب بناته سيتريث لأن قليل مروءة قد قتل شيئًا من المروءة فيه!
عندما تغلق بابك لأنك لا تريد أن تجعل من نفسك هدفا لأقاويل الناس بسبب تعرضك لمشكلاتهم.. ودائما لن يعجب أحد الأطراف أن تحكم للطرف الآخر.. فيكيل لك الاتهامات.. وتنتشر بين قالة السوء أحاديث الغمز واللمز عنك..
أسوأ ما في الأفعال الخسيسة أنها تجعل الناس ينظرون إلى الخير على أنه مجازفة، وإلى المعروف على أنه محاولة انتحار!
والأمر أوسع من تصرف فردي، وأكبر من حادثة شخصية، إنها سم زُعاف يسري في جسد المروءة حتى يقتلها!
المروءة الآن أصبحت مثل عملة أهل الكهف ... أرسلوا أحدهم ومعه عملة ظن أنها سارية بينما قبضوا عليه في السوق وكالوا له الاتهامات وكأنه سرق كنزا ... اختلاف الرؤي ... هناك أشياء قد نراها طبيعية ويزنها غيرنا بميزان آخر ... المرؤءة وبرغم وجود مبدأ الفروق الفردية بين البشر إلا أن أصحاب المروءة أصبحوا من أهل الابتلاءات أو قل الاتهامات ... وهي لغة أراها لا تناسب عصرنا المادي فالملقي علي قارعة الطريق وقد دهسته سيارة عندما يحاول أحد مساعدته ويقبض عليه ويزج به في السجن سيقال عنه أنه عبيط او ساذج لمجرد محاولته أن يكون ذو مروءة ... كلماتي ليست دعوة لنقض القيم وإنما بعضها أصبح للأسف غير متداول أو مفهوم أو غير قابل للتطبيق والإصرار علي تطبيقه قد يعرض صاحبه للخطر ..
يحكي أحد الفضلاء فيقول: كنتُ صغيرًا عندما حدثتني جدتي عن رجل رغبَ في فرس عند رجل آخر، فطلب منه أن يبيعها له ، فأبى، فزاده هذا الرّفضُ إصرارًا، فتطوّع لصُّ ليجلبها له، وذهب حيث يمر صاحب الفرس، وارتمى على قارعة الطريق يُمثّل أنه يتلوى من الألم، فنزل صاحب الفرس وأركب هذا المسكين، وأخذ بلجام الفرس يجرها ...
فقال له: لا يليق بك أن تجرني
فقال له: أنت رجل مريض
فقال له : إن كان لا بد، فأنا أمسكُ باللجام حفظاً لكرامتك
وعندما ناوله اللجام، استوى على الفرس وهرب بها، فنادى صاحب الفرس عليه، وقال له: إن سألوك عنها فقل أنك اشتريتها، ولا تُحدِّثْ أحدًا بما فعلتَ، إني أخاف أن تموت المروءة بين الناس!...
فعلا... إني أخاف أن تموت المروءة بين الناس..
إذَا الأيِمَانُ ضَاعَ فَلَاَ أَماَنُ؛ وَلَاَ دُنْيَا لِمَنْ لَمْ يُحيِّ دِيْنَا
وَمَنْ رَضِيَ الحَيَاةَ بِغِيْرِ دِيْنٍ فَقَدْ جَعَلَ الفَنَاءَ لَهَا قَرِيْنَا
لا تقتلوا المروءة
لا تكن سببا في موت المروءة !!
عام 1880 م ماتت ملكة تايلند غرقًا، انقلبَ بها القارب ولم يجرؤ أحد من حراسها على إنقاذها ، لأن القانون يمنع لمس الملكة.... وقفوا جميعًا يتفرجون عليها وهي تلفظُ أنفاسها لأن لمس الملكة عقوبته الإعدام!
طبعًا لستُ ضد أي قانون يحفظ للحاكم هيبته إن كان ضمن المعقول ولا يتنافى مع القيم الإنسانية، ما لا أفهمه هي تلك القوانين التي تقتل المروءة بين الناس !
لو أن سائق سيارة صدم أحد المارة وهرب، وتركه صريعًا يتخبط بدمه ورأيته أنتَ فأبتْ أخلاقُك إلا أن تحمله وتنقله بسيارتك لأقرب مستشفى ومات في الطريق، هل تضمن ألا يعاملوك كأنك الذي دهسه ؟
لو حضرت الشرطة إلى المستشفى وأقسمتَ لهم بالله وحلفتَ على كل الكتب التي أنزلها أن دورك الوحيد في القضية أنك إنسان، أتراهم يتركوك ؟
هكذا هم الناس يقتلون المروءة في الناس، سيعاقبونك وستدفع ديته، ليمر غيرك بإنسان ملقى على قارعة الطريق ويمضي لأنه لا يريد أن يصيبه ما أصابك !
إن كثيرًا من قوانينا وتصرفاتنا تقتل المروءة بين الناس !
الذي يستدين مالًا ثم يقرر أن يأكله على صاحبه إنما يريد من الناس ألا يمد أحدهم يده إلى الآخر، وكما قال المثل العامي: لم أمتْ ولكني رأيتُ من مات!
الذي يطرق بابًا طالبًا زوجة فيحسن أهلها إليه ، ولا يكلفونه ما لا يطيق، بل ويساعدونه لإتمام زواجه، ثم لا يعاملها بالحسنى، إنما يريد من الناس أن يتعاملوا مع بعضهم على مبدأ من لا يتعب في المهر يسهل عليه الطلاق! كل من كان قد قرر أن يكون شهمًا مع خاطب بناته سيتريث لأن قليل مروءة قد قتل شيئًا من المروءة فيه!
عندما تغلق بابك لأنك لا تريد أن تجعل من نفسك هدفا لأقاويل الناس بسبب تعرضك لمشكلاتهم.. ودائما لن يعجب أحد الأطراف أن تحكم للطرف الآخر.. فيكيل لك الاتهامات.. وتنتشر بين قالة السوء أحاديث الغمز واللمز عنك..
أسوأ ما في الأفعال الخسيسة أنها تجعل الناس ينظرون إلى الخير على أنه مجازفة، وإلى المعروف على أنه محاولة انتحار!
والأمر أوسع من تصرف فردي، وأكبر من حادثة شخصية، إنها سم زُعاف يسري في جسد المروءة حتى يقتلها!
المروءة الآن أصبحت مثل عملة أهل الكهف ... أرسلوا أحدهم ومعه عملة ظن أنها سارية بينما قبضوا عليه في السوق وكالوا له الاتهامات وكأنه سرق كنزا ... اختلاف الرؤي ... هناك أشياء قد نراها طبيعية ويزنها غيرنا بميزان آخر ... المرؤءة وبرغم وجود مبدأ الفروق الفردية بين البشر إلا أن أصحاب المروءة أصبحوا من أهل الابتلاءات أو قل الاتهامات ... وهي لغة أراها لا تناسب عصرنا المادي فالملقي علي قارعة الطريق وقد دهسته سيارة عندما يحاول أحد مساعدته ويقبض عليه ويزج به في السجن سيقال عنه أنه عبيط او ساذج لمجرد محاولته أن يكون ذو مروءة ... كلماتي ليست دعوة لنقض القيم وإنما بعضها أصبح للأسف غير متداول أو مفهوم أو غير قابل للتطبيق والإصرار علي تطبيقه قد يعرض صاحبه للخطر ..
يحكي أحد الفضلاء فيقول: كنتُ صغيرًا عندما حدثتني جدتي عن رجل رغبَ في فرس عند رجل آخر، فطلب منه أن يبيعها له ، فأبى، فزاده هذا الرّفضُ إصرارًا، فتطوّع لصُّ ليجلبها له، وذهب حيث يمر صاحب الفرس، وارتمى على قارعة الطريق يُمثّل أنه يتلوى من الألم، فنزل صاحب الفرس وأركب هذا المسكين، وأخذ بلجام الفرس يجرها ...
فقال له: لا يليق بك أن تجرني
فقال له: أنت رجل مريض
فقال له : إن كان لا بد، فأنا أمسكُ باللجام حفظاً لكرامتك
وعندما ناوله اللجام، استوى على الفرس وهرب بها، فنادى صاحب الفرس عليه، وقال له: إن سألوك عنها فقل أنك اشتريتها، ولا تُحدِّثْ أحدًا بما فعلتَ، إني أخاف أن تموت المروءة بين الناس!...
فعلا... إني أخاف أن تموت المروءة بين الناس..
إذَا الأيِمَانُ ضَاعَ فَلَاَ أَماَنُ؛ وَلَاَ دُنْيَا لِمَنْ لَمْ يُحيِّ دِيْنَا
وَمَنْ رَضِيَ الحَيَاةَ بِغِيْرِ دِيْنٍ فَقَدْ جَعَلَ الفَنَاءَ لَهَا قَرِيْنَا