زهراء دياب
10-24-2020, 08:39 PM
شخصية القائد البحري العثماني "خير الدين بربروس"
حبيسة الكتب وطيّ النسيان والجهل،
وساهم في ذلك تعرّضها للافتراءات والتشويه والتزييف من قبل المؤرخين الغربيين.
فلو سألت عن "باربروسا" ذي اللحية الحمراء والعين الواحدة والقدم الخشبية،
ستجده في أفلام هوليوود القرصان "بربروس" المصوّر بصورة وحشية ودموية.
إلا أن الحقيقة أن خير الدين بربروس لم يقصد البحر طمعًا في كنز مدفون أو سفينة غارقة،
بل قصده طمعًا في ما هو أثمن من ذلك بكثير؛ إنقاذ المسلمين المستضعفين ومحاربة الأعداء الذين يكيدون للإسلام ليل نهار.
من هو "بربروس"
هو "خضر بن يعقوب"، لقبه "خير الدين باشا.
وُلِد في جزيرة "ليسبوس" اليونانية،
وكان والده انكشاريًا
(الانكشارية فرقة من جنود المشاة العثمانية عُرِفت بالقوة وشدّة البأس)
من فاردار،
وكانت والدته "كاتالينا" مسيحية (أرملة قس)،
وله أربعة إخوة أكبر منه هم إسحاق، وعروج، وإلياس، ومحمد.
كان عرّوج وأخوه بربروس مسيحيّين ثمّ هداهما الله للإسلام، ودخلا في خدمة السلطان "محمد الحفصي" في تونس،
إذ كانا يعترضان السفن النصرانية ويأخذان ما فيها ويبيعان ركّابها وملّاحيها رقيقًا،
وارسلا إلى السلطان العثماني "سليم الأول" سفينة حصلا عليها، فقبلها السلطان وأجزل لهما العطاء.
http://www.turkpress.co/sites/default/files/6657_1.jpg
عمل جميع الإخوة بمحاربة قراصنة القديس "يوحنا" المتمركزين في جزيرة رودس.
قتل "إلياس" في إحدى المعارك، وأُسِر أخوه عروج في رودس، ثم فر منها إلى إيطاليا،
ومنها إلى مصر. واستطاع أن يقابل السلطان "قانصوه الغوري" الذي كان يُعدِ العدّة لإرسال أسطول إلى الهند لمحاربة البرتغاليين،
وأمر لعروج بسفينة بجندها وعتادها لتحرير جزر المتوسط من القراصنة الأوروبيين.
في عام 1505 استولى عروج على 3 مراكب، ونقل عملياته إلى غرب المتوسط وتمركز في جزيرة جربة التونسية.
عمل عروج على نقل الآلاف من مسلمي الأندلس إلى شمال أفريقيا من عام 1504 إلى 1510،
كما حرر الجزائر ثم تلمسان من قبضة الإسبان فذاع صيته واشتهر ببطولته.
أعلن عروج نفسه حاكمًا للجزائر، وتمكن بقوة دولته من طرد جميع الإسبان من السواحل التي احتلوها،
وضم مصر إلى دولته، وبعث للسلطان سليم الأول بولائه وطاعته للدولة العثمانية.
بربروس ينقذ مسلمي الأندلس
هال الإسبان قوة الدولة الفتية وتوسعها، فأعدوا حملة من 15 ألف مقاتل لقمعها،
وتوغلوا في الجزائر وحاصروا تلمسان. وأسر عروج ثم قتل في شهر آب/ أغسطس 1518 فخلفه أخوه الأصغر بربروس وأصبح حاكمًا للجزائر.
ولم تكن قوته تكفي لمواجهة الإسبان فطلب من السلطان سليم الأول المدد، فأمدّه بقوة من سلاح المدفعية و2000 من جنود الانكشارية الأشدّاء.
طلب السلطان سليم الأول من بربروس إنقاذ مسلمي الأندلس من محاكم التفتيش الإسبانية التي كانت تذيقهم الويلات،
فأبحر من أقصى الشرق في تركيا إلى أقصى الغرب في الأندلس لمحاربة الجيوش الصليبية (الإسبانية، والبرتغالية، والإيطالية، وسفن القديس يوحنا).
اخترق بربروس الحصون البحرية وتمكن من الرسوّ الآمن، ودمّر الحامية الإسبانية للمدينة ثم دخل إلى اليابسة،
وخاض حرب شوارع ورفع راية الإسلام على قلاعها.
باغت بربروس الكنائس للحيلولة دون هروب القساوسة الكاثوليك الذين كانوا يعرفون أماكن التعذيب السرية،
حيث تم البحث الفوري في جميع أبنية الكنائس المظلمة وعثر على الغرب السرية التي يعذب فيها المسلمون.
راعى بربروس عدم نقل المسلمين من أقبية السجون المظلمة حتى غياب الشمس لتجنّب إصابتهم بالعمى نتيجة لعدم رؤيتهم للشمس منذ سنين،
كما تم نقل الأسرى إلى السفن الإسلامية متجنبين تعرض جلودهم الهزيلة للتمزق أثناء الحمل.
كما تنبّه إلى ألا تستمر العملية منذ الرسو حتى الإقلاع أكثر من 6 ساعات قبل وصول أي مدد للعدو من المدن المجاورة،
وأبحر تحت جنح الظلام، وتمكن من شلّ حركة العدو البحرية في طريق عودته للجزائر،
على عكس ما ظن العدو أن عودته لتركيا التي أتى منها، فأراد بذلك خداع العدو وإنقاذ الأسرى لعلاجهم في أسرع وقت.
وتمّ نقل 70 ألف مسلم أندلسي في أسطول من 36 سفينة، وذلك في سبع رحلات في عام 1529،
وتوطّنوا في الجزائر ممّا حصّنها ضد هجمات إسطنبول.
بربروس في إسطنبول
بعد وفاة السلطان سليم الأول خلفه السلطان سليمان القانوني بمدّ بربروس بالسلاح والرجال. واستدعاه إلى إسطنبول،
وعهد إليه بإعادة تنظيم الأسطول والإشراف على بناء سفن جديدة،
ووكّل إليه مهمة ضم تونس (تحكمها الدولة الحفصية) إلى الدولة العثمانية لأهمية موقعها.
غادر بربروس بأسطول من سفينة و8 آلاف جندي باتجاه تونس، ونجح بالاستيلاء عليها، وأعلن تبعيتها للدولة العثمانية في عام 1534.
وردًا على انتصار بربروس في تونس وهجومه على السواحل الإسبانية، أعدّ الملك الإسباني شارل الخامس حملة جرّارة اتّجهت إلى تونس،
وتمكنت من الاستيلاء عليها في العام نفسه.
ورد بربروس بغارة مفاجئة على جزر البليار في البحر المتوسط وأسر 6 آلاف من الإسبان وعاد بهم إلى الجزائر.
وصلت أنباء الغارة إلى روما وهي تحتفل بانتزاع تونس من المسلمين.
بربروس قائدًا للأسطول العثماني
يتبع
حبيسة الكتب وطيّ النسيان والجهل،
وساهم في ذلك تعرّضها للافتراءات والتشويه والتزييف من قبل المؤرخين الغربيين.
فلو سألت عن "باربروسا" ذي اللحية الحمراء والعين الواحدة والقدم الخشبية،
ستجده في أفلام هوليوود القرصان "بربروس" المصوّر بصورة وحشية ودموية.
إلا أن الحقيقة أن خير الدين بربروس لم يقصد البحر طمعًا في كنز مدفون أو سفينة غارقة،
بل قصده طمعًا في ما هو أثمن من ذلك بكثير؛ إنقاذ المسلمين المستضعفين ومحاربة الأعداء الذين يكيدون للإسلام ليل نهار.
من هو "بربروس"
هو "خضر بن يعقوب"، لقبه "خير الدين باشا.
وُلِد في جزيرة "ليسبوس" اليونانية،
وكان والده انكشاريًا
(الانكشارية فرقة من جنود المشاة العثمانية عُرِفت بالقوة وشدّة البأس)
من فاردار،
وكانت والدته "كاتالينا" مسيحية (أرملة قس)،
وله أربعة إخوة أكبر منه هم إسحاق، وعروج، وإلياس، ومحمد.
كان عرّوج وأخوه بربروس مسيحيّين ثمّ هداهما الله للإسلام، ودخلا في خدمة السلطان "محمد الحفصي" في تونس،
إذ كانا يعترضان السفن النصرانية ويأخذان ما فيها ويبيعان ركّابها وملّاحيها رقيقًا،
وارسلا إلى السلطان العثماني "سليم الأول" سفينة حصلا عليها، فقبلها السلطان وأجزل لهما العطاء.
http://www.turkpress.co/sites/default/files/6657_1.jpg
عمل جميع الإخوة بمحاربة قراصنة القديس "يوحنا" المتمركزين في جزيرة رودس.
قتل "إلياس" في إحدى المعارك، وأُسِر أخوه عروج في رودس، ثم فر منها إلى إيطاليا،
ومنها إلى مصر. واستطاع أن يقابل السلطان "قانصوه الغوري" الذي كان يُعدِ العدّة لإرسال أسطول إلى الهند لمحاربة البرتغاليين،
وأمر لعروج بسفينة بجندها وعتادها لتحرير جزر المتوسط من القراصنة الأوروبيين.
في عام 1505 استولى عروج على 3 مراكب، ونقل عملياته إلى غرب المتوسط وتمركز في جزيرة جربة التونسية.
عمل عروج على نقل الآلاف من مسلمي الأندلس إلى شمال أفريقيا من عام 1504 إلى 1510،
كما حرر الجزائر ثم تلمسان من قبضة الإسبان فذاع صيته واشتهر ببطولته.
أعلن عروج نفسه حاكمًا للجزائر، وتمكن بقوة دولته من طرد جميع الإسبان من السواحل التي احتلوها،
وضم مصر إلى دولته، وبعث للسلطان سليم الأول بولائه وطاعته للدولة العثمانية.
بربروس ينقذ مسلمي الأندلس
هال الإسبان قوة الدولة الفتية وتوسعها، فأعدوا حملة من 15 ألف مقاتل لقمعها،
وتوغلوا في الجزائر وحاصروا تلمسان. وأسر عروج ثم قتل في شهر آب/ أغسطس 1518 فخلفه أخوه الأصغر بربروس وأصبح حاكمًا للجزائر.
ولم تكن قوته تكفي لمواجهة الإسبان فطلب من السلطان سليم الأول المدد، فأمدّه بقوة من سلاح المدفعية و2000 من جنود الانكشارية الأشدّاء.
طلب السلطان سليم الأول من بربروس إنقاذ مسلمي الأندلس من محاكم التفتيش الإسبانية التي كانت تذيقهم الويلات،
فأبحر من أقصى الشرق في تركيا إلى أقصى الغرب في الأندلس لمحاربة الجيوش الصليبية (الإسبانية، والبرتغالية، والإيطالية، وسفن القديس يوحنا).
اخترق بربروس الحصون البحرية وتمكن من الرسوّ الآمن، ودمّر الحامية الإسبانية للمدينة ثم دخل إلى اليابسة،
وخاض حرب شوارع ورفع راية الإسلام على قلاعها.
باغت بربروس الكنائس للحيلولة دون هروب القساوسة الكاثوليك الذين كانوا يعرفون أماكن التعذيب السرية،
حيث تم البحث الفوري في جميع أبنية الكنائس المظلمة وعثر على الغرب السرية التي يعذب فيها المسلمون.
راعى بربروس عدم نقل المسلمين من أقبية السجون المظلمة حتى غياب الشمس لتجنّب إصابتهم بالعمى نتيجة لعدم رؤيتهم للشمس منذ سنين،
كما تم نقل الأسرى إلى السفن الإسلامية متجنبين تعرض جلودهم الهزيلة للتمزق أثناء الحمل.
كما تنبّه إلى ألا تستمر العملية منذ الرسو حتى الإقلاع أكثر من 6 ساعات قبل وصول أي مدد للعدو من المدن المجاورة،
وأبحر تحت جنح الظلام، وتمكن من شلّ حركة العدو البحرية في طريق عودته للجزائر،
على عكس ما ظن العدو أن عودته لتركيا التي أتى منها، فأراد بذلك خداع العدو وإنقاذ الأسرى لعلاجهم في أسرع وقت.
وتمّ نقل 70 ألف مسلم أندلسي في أسطول من 36 سفينة، وذلك في سبع رحلات في عام 1529،
وتوطّنوا في الجزائر ممّا حصّنها ضد هجمات إسطنبول.
بربروس في إسطنبول
بعد وفاة السلطان سليم الأول خلفه السلطان سليمان القانوني بمدّ بربروس بالسلاح والرجال. واستدعاه إلى إسطنبول،
وعهد إليه بإعادة تنظيم الأسطول والإشراف على بناء سفن جديدة،
ووكّل إليه مهمة ضم تونس (تحكمها الدولة الحفصية) إلى الدولة العثمانية لأهمية موقعها.
غادر بربروس بأسطول من سفينة و8 آلاف جندي باتجاه تونس، ونجح بالاستيلاء عليها، وأعلن تبعيتها للدولة العثمانية في عام 1534.
وردًا على انتصار بربروس في تونس وهجومه على السواحل الإسبانية، أعدّ الملك الإسباني شارل الخامس حملة جرّارة اتّجهت إلى تونس،
وتمكنت من الاستيلاء عليها في العام نفسه.
ورد بربروس بغارة مفاجئة على جزر البليار في البحر المتوسط وأسر 6 آلاف من الإسبان وعاد بهم إلى الجزائر.
وصلت أنباء الغارة إلى روما وهي تحتفل بانتزاع تونس من المسلمين.
بربروس قائدًا للأسطول العثماني
يتبع