اثير حلم
10-28-2020, 10:57 AM
https://h.top4top.io/p_1762kpyq81.jpg
---------
قلم أثير حلم 28/10/2020
مقدمة :
من الحرف الى الفاصلةِ، يتكرر الموقف في الحَياةِ مع طائفة من الرّجالِ والنّساء. أحدُ أسبابهِ هو الفراغ . والفراغِ الآخر يبين حالةِ النقص والضّعفِ لدى كل جانبٍ... حين بدأ " البيرت " بالتعرفِ على " جانيت " في مقر العملِ ، كانت البدايةِ علاقة عمل وصداقةٍ، عادية، ثم منْ بعد تحولتِ الى علاقةٍ عاطفية، توجتْ بالزواجٍ والاقترانِ. لا يوجد مَجال لأحدٍ للاعتراض على قرارهما أو التّدخل في علاقتهما الشّخصيةِ، كونها مسألة قانونية وحريّة شخصية، وكانَ لدى كل منهما الوقتِ الكافِ لمعرفةِ الجوانبِ الايجابيةِ والسلبيةِ في حياةِ الطرفِ الآخر، بغضِ النظرِ عن الجوانب السلبيةِ في حياةِ كل شخص، فعادة في طور بناء العلاقاتِ العاطفيةِ ، يتم تجاهل كثيراً من الأخطاءِ التي تصدر عن الطرف المقابل، ويتم تحضير وتجهيز كل المبرراتِ الكفيلةُ بإخفاء أخطاء وعيوب الطرف الآخر، والتركيز على جوانب الصفاتِ الايجابيةِ التي يغلبُ عليها طابعِ التّصنعِ أحياناً، من أجل أثباتِ وتعميق مفهومِ الأخلاقِ والثقة عند كل شخص. استمرت رابطة الحياة الزوجية لـ البيرت وجانيت عاماُ كاملاً ، فيما بعد ساءت علاقتهما الزوجية وثقتهما في بعضهما، ودَخلتِ العلاقةُ الزّوجيةِ في نفقٍ مظلم، بسببِ الشّك والغيرةِ وتهمةِ الخيانةِ الزّوجيةِ. ففي النهايةِ وبكل بساطة، انتهتِ حياتهما الزوجيةِ بالفراق، في بلدٍ يطبق مبادئ الحقوقِ الشخصيةِ وقيم علمانيةِ الحضارةِ والتمدّنِ والعدلِ وحريّة المساواةِ التي ينادي بها دول العالم الثالث...
فما هو الشّيء الغامضُ الذي هدم ودَمرَّ علاقتهما الزّوجيةِ ؟ في حين أن بابُ سقف الحرّيةِ الشخصيّةِ لكليهما مفتوحٌ على مصراعيه، وكل شيء كان واضحَاً تماماً بينهما منذ البدايةِ!
النّص :
بلغت أهمية وجود المرأة في حياة الرجل أهمية كبيرة، منذ البداية إذ كانت تشكل تلك الأهمية، نقطةُ بدايةٍ ونواة تقوي وتوثق عرى التواصل وتكامل بناء الحياة ، لكن بقيت تلك الأهمية مثار تساؤل، وبحث ودراسة لدى الفرد والمجتمع عن الدافع والغرض، ونوع كل علاقة ثنائية ناشئة بين رجل وامرأة، على أن يكون لتلك العلاقة دافع أو غاية حقيقية تجعل لكليهما أحقية التواصل وبلوغ الهدف ووصل الغاية الى هدفها الحقيقي بدون ضرر. لم يكن ذلك البحث والدراسة في أهمية تكوين العلاقة والارتباط بين الرجل والمرأة وليد اللحظة أو خاص بزمن معين، بل كان حاضراً لمعرفة "سبب ونوع وأهمية العلاقة والارتباط " في المستقبل. وأخذتِ معرفةِ أهمية نشوء العلاقة والارتباط بين الرجل والمرأة أهمية وأولوية قصوى لكلا الجانبين سواء على المستوى الفردي الشخصي أو الجماعي لفهم "الغاية الحقيقة" من هذا الالتصاق او التواصل الثنائي, بيد أنه في حياة المدنية، شاب علاقة البناء والتواصل شيئا من التوجس والخوف، بأسباب مشكلات متعددة، منها الخيانةِ وحوادث العنف المتكرر الذي يحدث بصورة ظاهرة، وتصرفاتٍ غريبة، تجلب الريبة والشك والحيرة في المجتمع بصفة عامة، وما يرافق تلك الأمور من قلق مستمر يتهدد العلاقات الثنائية الناشئة بين الرّجل والمرأة. كانت الغاية الماثلة من أهمية وجود المرأة في حياة الرّجل في زمن بساطةِ الحياة، هو التعاضد والتكامل لتقوية جوانب النقص المادي الذي يعيشه الرجل المنفرد بلا أسرة ، كمرحلة أولية تساعده على البقاء والعيش بأمانٍ.
في المقابل كانت حالة الفقد تشكل عامل نقصٍ في عناصرَ أسرةٍ مكتملةٍ البناء، كون كفاءةَ العنصرٍ المُحيّد تذهبُ باتجاه محور آخر يوفي حاجته ومتطلباته ويشاركه الحياة، وهي الصورة الطبيعية التي تمثل حياة المجتمع بصورة مستمرة دون انقطاع . أي أن الحاجة للتعاضد والتكامل والبناء هو الهدف الأسمى وإن لم يسمى بيد أنه يبقى في صلب محتواه، " الهدف الأساسي والرغبة والحاجة الملحة" لاستكمال مشروع الاستقرار وبناء الحياة. لذلك كانت المرأة منذ البدايةِ تشكل نواة الجانب المشرق الذي يضيء ويكمل حياة الرّجل ويستنهض قيام رؤية ناجحة للحياةِ وتثبيت أسسها وقواعدها وتشد أركانها بالحب والتفاهم والانسجامِ التام. وما من شك أنه كانت تواجه الرجل في الحياة، صعوبات شتى من أجل تأمين لقمة العيش، ورغم تلك الصعوبات وشظف الحياة، إلا إنه يكافحُ بجد وإخلاص، فتقع عليه مسؤولية عظيمة في تحمل أعباء جمّة، في سبيل تأمين ما يحتاجه وأسرته في الحياة. في الجانب المقابل تقوم المرأة بدور عظيمٍ ومهم في تنظيم وترتيب وتكييف حياة الأسرة بما يتوافق مع قدراتها وحاجاتها بتقنين دقيقٍ دون توسع او مبالغة. هكذا كانت صورة الحياة الأولى الشّاقة التي واجهت حياة النبلاء. أما في عقود السّنوات الأخيرة بنشأة علمانيةِ المدنية وما شهدته الحياة من تطور ملفت وتحول وانتقالِ منْ مَرحلةِ التقنين الدّقيق، الى مرحلةِ التّوسعِ والهدرِ، فقد تبدلت أيضا تلك الصورة النمطية الكلاسيكيةِ وتحولت الى حياة ترف ومباهاة، وازدادت مظاهر البذخ والرفاهية المفرطة، بصورة ملفتةٍ الى أن صارتِ الرّفاهية الماديةِ مطلباً ضروريا من أهم الأولويات في حياةِ المجتمعاتِ. وظلِت المرأة بمنظور الارتقاء ركيزةٍ أساسية ودعامة في استمرار واستقرار حياة الرجل والأسرة من أجل البناء والتنمية.
مما يُلاحظ في الآونة الأخيرة أنه قد غُيب الهدف الأسمى وضعفت مكانة الغايةِ في العلاقة التي تربط المرأة بالرّجلِ، وظلتْ حالةِ التوجسِ والخَوفِ عاملاً وهاجساً مشتركاَ يتهدد تصور ما يمكنْ أنْ تكونَ عليهِ العلاقة في المستقبل بصورة خاصة، إما بسبب مشكلاتٍ عائليةٍ أو تجارب سابقةٍ مخيبةٍ للآمال، أو بسب التفاوتِ الطبقي في حياة المجتمع بشكل عام، او بسبب الشك في وجود روابط وعلاقات سابقة تسيطر على أفكار الشّخص، لهذا ازدادت حظوظ اختلاف الغايات والأهدافِ في حياةِ الرّجل والمرأة، نظراً لاتساع هوة الترابط والتواصل في وجود وتعدد فوارق الطبقاتِ الاجتماعية، والنواحي الثقافية والاقتصادية، بالرغم من رقي وتطور وسعة آفاقِ الثقافة والمعرفة لدى الجميع، هذا منْ ناحيةٍ، ومن ناحيةٍ أخرىَ بسببِ استحداث قوانين وأنظمةِ مدنية، مخالفةً للعاداتِ والقيمِ المجتمعيةِ المحافظةٍ التي تقوم على أسس المبادئ الأخلاقية والاحترام والتقدير المتبادل بين الجميع، إذ كان من المفترض إن يكون تعدد مستويات التفاوت الطبقي في المجتمع عاملا مساعدا لتكيف أفراد المجتمع مع الحياة ليكون الفرد قادرا في اختيار الشخصية التي تشاركه حياته في المستقبلِ، بتفاهم تام دون ضرر بمصلحه الشخصية ودون تكلف في تحمل أعباء مكلفةٍ لأي طرفٍ.
ومما يُلاحظ أيضا انه في ظل خلل القوانين والأنظمةِ وانصهار القيم المورثةِ، غابت فرص التفاهم الحقيقي والتوافق والحُوار بين الرّجل والمرأة حول تفاصيل جملة من الأمور المهمةِ باسم الحريةِ الشخصيةِ وأصبحت صورة تكرارية مستنسخة لحياة كثير من الأسر في المجتمعات العربية بصفة خاصة، بسبب ضياع الهوية الشخصية، والإعجاب بحياةِ المجتمعاتِ الغربية والانسياق خلف تطورِ المدنية دونَ فهمٍ حقيقي لطبيعةِ الحياة.
نحنُ في الوطن العربي نؤمنُ بمبدأ الحريةِ، على أن تكون لحياتنا معنى ونكهة خاصة تشعرنا بالسّعادة والرّاحة والطمأنينةِ، حتى في ظل وجود المشكلاتِ المادية و المعنوية التي تطرأ و تستجد في الحياة. صحيح أن المجتمعاتِ الغربيةِ لديها مساحة شاسعة من الحرية الشخصية، وكذلك المجتمعاتِ الشرقيةِ لكن على الأقل أن في حياةِ الشعوب الشرقية قليلا من الاحترام والانضباط للقوانين الأساسية والعاداتِ المحافظةِ والمبادئ والقيم المتعارف عليها والتي لا يمكن تخطيها عمداً أو تجاهلها، رغم سعةِ آفاق مساحةِ سقف الحريةِ الشخصية، فالمجتمعاتِ الغربيةِ التي تتمتع بمساحةٍ كبيرةٍ من الحريةِ، توجد فيها كثيراً من الأخطاء والعشوائيةِ والانحرافاتِ السلوكية وعدم الانضباطِ لحياةِ الأسر، كذلك باسم الحُرية الشّخصية، ولذلك تعد الحُريةِ المُنضبطةِ، المنظمةُ سمة مميزة لدى المجتمع الشّرقي خاصةً المجتمعاتِ الإسلامية المحافظِة. في المقابل تعد حياة المجتمعاتِ العربية أنموذجا جيداً للتفاهم والترابط الوجداني ورقي الحَياة، إذ تتمتعُ بمبادئ وعادات وقيم متقاربةٍ جداَ، من الصّعب الفصل بينها وبين مكانتها ومكونها الحقيقي، لكن مفهومِ الحُريةِ هنا مُختلف قليلا عن غيره فهو مُرتبطٌ ومحكوم في إطار العقيدة الدينية الواحدة، المضبوطةِ بتعاليم وقيم سَماوية، وهذا الارتباط بالعقيدة لا يشكل خللاَ في نهجِ الحَياةِ وترابطِ العلاقاتِ الشَخصيةِ في المجتمعِ المبني على الثقةِ والاحترامِ، لكنْ طبيعة الفكر والنفسِ العربية شغوفة دوماً بالفضولِ والاستكشافِ والمغامرة وحب التغيير والتجربة، وبالرَغم أن المجتمعاتِ العربيةِ أكثر تنظيماً وانضباطاً في حدود إطار تعاليم العقيدة الدينية الواحدة، إلا أنْه يتم تجاهل وتخطي القوانين والأنظمة وتعاليم العقيدة جهلاً، في خطِّ مستوى العلاقاتِ الشخصية فتحدثُ أخطاء، تكون المَرأة فيها،أحياناً عُرضة للاسْتغلالِ أوالخيانةِ من أي أحدٍ، حتى من أقرب الناس إليها، ومَنْ تُوليهم ثقتها الزائدةَ.
لذلك تطالبُ منظماتُ المجتمع المدني الحكومات بتوسيع صلاحيةِ الحَرية الشخصيةِ للمرأة، لضمان الحصول على حُقوقها الكاملةً في الحياة مساواةً بالرّجل، في فصلٍ تامٍ عن قيامَةِ الرّجل، أسوةً بغيرها في دول العالم، لكنّ ما يخشى منه هو تحولَ تلكَ المطالباتِ في نهايةِ الأمر، إلى أكبرَ عائق ومشكلةٍ تواجهُ حياةِ الأسرة نفسها، وانفراطِ عقد منظومتها الكاملةُ، والذي يشكل الرَّجل والمرأة سوياً، جانباً مُهماً فيْ استقرار الحياةِ وعماداً قوياً لثوابتِ الأسرة بكاملها، فتكونَ القوانين والنُّظم المستحدثةِ الغير مدروسة دراسةٍ منطقية بحيث تراعي الجانب العقدي وثوابتهِ، عاملَا قوياً في هدمِ المبادئ والقيم الأصيلة في المجتمع، وظهور مشكلاتٍ عديدة من قِبل أفراد وجماعاتِ غاضبة في المجتمع، يكون من الصعبِ السّيطرةَ على تلكَ المشكلاتِ المتفاقمةِ.
منْ الصّعب تجاهل أهميةِ العلاقاتِ المجتمعيةِ في الحَياةِ ، كونها تفعّل دور التواصل والعمل بما يخدمِ مصلحة الجميع في مختلف ميادين الخدماتِ العامةِ ، ولن ننسى أنّه تقع مسؤولية كبيرة على صاحب المؤسسة أو المسئول في دائرة العمل من أجل وضع قوانين تتوافق مع القوانين الرسمية في الدولةِ بحيث تعزز قيم المحافظةِ على الحقوق الخاصة دون أي ضرر يلحق بالمرأةِ العاملةِ.
في أغلب حالاتِ العلاقاتِ الناشئةِ بين الناسِ جميعاً، مبنية على التوافقٍ والتآلفِ والانسجام التام في بعض الموقفٍ، وأما بالاحترام والتقدير، أو بالحُبِ والإعجاب، أو بازدواجية خاصيةِ توافق المَصالحِ المشتركةِ. فيما يتعلق بالعلاقاتِ العاطفيةِ لحياةِ امرأة حَالمة وأملها في الارتباط برجلٍ مِثالي كأبيها مثلاً، فقد لا يحدثُ هذا صَراحَة في واقع حياةِ اليوم، إلا في الحِكاياتِ والقصصِ المَحبوكةِ والأفلام المعرُوضةِ على شاشاتِ التّلفزةِ ، وفي أغلبِ حالاتِ العلاقاتِ البينيةِ خاصةً في صفوفِ الشبابِ، يتم الإسهاب بشكل مُبالغ فيه التّحدث بكلامِ الحُبِ والغرامِ وقطع الوُعودِ في حَياةٍ مستقبليةِ سعيدة ، ولا يتم الحَديثِ أو التّطرق لجَوانبِ الحَياةِ الشَّخصيَّةِ المُهمَّةِ في حَياةِ كلا الجانبينَ، أو مناقشةِ خطط المَرحلةِ المُستقبليةِ، والتّكتم علىَ بعضِ الأشياء الدقيقةِ، والحَقائقَ المُهمَّةِ مَمَّا قد يُؤدي الأمر في نّهايةِ المَطافِ الى الاصطدامِ بواقعٍ مَرير، وينذرُ بِحدوث صَدَمَاتٍ غيرَ مُتوقّعةِ، وتفجرُّ مُشكلاتٍ وخلافاتٍ في العِلاقةِ، يصعبُ التّكهُن بنتائجها النَّهّائيّةِ. فتكونَ آمال امَرأةُ حَالمة قد اصطدمتْ عنْ قرب بحقيقة مَاضي رَجلٍ زئبقي.
---------
قلم أثير حلم 28/10/2020
مقدمة :
من الحرف الى الفاصلةِ، يتكرر الموقف في الحَياةِ مع طائفة من الرّجالِ والنّساء. أحدُ أسبابهِ هو الفراغ . والفراغِ الآخر يبين حالةِ النقص والضّعفِ لدى كل جانبٍ... حين بدأ " البيرت " بالتعرفِ على " جانيت " في مقر العملِ ، كانت البدايةِ علاقة عمل وصداقةٍ، عادية، ثم منْ بعد تحولتِ الى علاقةٍ عاطفية، توجتْ بالزواجٍ والاقترانِ. لا يوجد مَجال لأحدٍ للاعتراض على قرارهما أو التّدخل في علاقتهما الشّخصيةِ، كونها مسألة قانونية وحريّة شخصية، وكانَ لدى كل منهما الوقتِ الكافِ لمعرفةِ الجوانبِ الايجابيةِ والسلبيةِ في حياةِ الطرفِ الآخر، بغضِ النظرِ عن الجوانب السلبيةِ في حياةِ كل شخص، فعادة في طور بناء العلاقاتِ العاطفيةِ ، يتم تجاهل كثيراً من الأخطاءِ التي تصدر عن الطرف المقابل، ويتم تحضير وتجهيز كل المبرراتِ الكفيلةُ بإخفاء أخطاء وعيوب الطرف الآخر، والتركيز على جوانب الصفاتِ الايجابيةِ التي يغلبُ عليها طابعِ التّصنعِ أحياناً، من أجل أثباتِ وتعميق مفهومِ الأخلاقِ والثقة عند كل شخص. استمرت رابطة الحياة الزوجية لـ البيرت وجانيت عاماُ كاملاً ، فيما بعد ساءت علاقتهما الزوجية وثقتهما في بعضهما، ودَخلتِ العلاقةُ الزّوجيةِ في نفقٍ مظلم، بسببِ الشّك والغيرةِ وتهمةِ الخيانةِ الزّوجيةِ. ففي النهايةِ وبكل بساطة، انتهتِ حياتهما الزوجيةِ بالفراق، في بلدٍ يطبق مبادئ الحقوقِ الشخصيةِ وقيم علمانيةِ الحضارةِ والتمدّنِ والعدلِ وحريّة المساواةِ التي ينادي بها دول العالم الثالث...
فما هو الشّيء الغامضُ الذي هدم ودَمرَّ علاقتهما الزّوجيةِ ؟ في حين أن بابُ سقف الحرّيةِ الشخصيّةِ لكليهما مفتوحٌ على مصراعيه، وكل شيء كان واضحَاً تماماً بينهما منذ البدايةِ!
النّص :
بلغت أهمية وجود المرأة في حياة الرجل أهمية كبيرة، منذ البداية إذ كانت تشكل تلك الأهمية، نقطةُ بدايةٍ ونواة تقوي وتوثق عرى التواصل وتكامل بناء الحياة ، لكن بقيت تلك الأهمية مثار تساؤل، وبحث ودراسة لدى الفرد والمجتمع عن الدافع والغرض، ونوع كل علاقة ثنائية ناشئة بين رجل وامرأة، على أن يكون لتلك العلاقة دافع أو غاية حقيقية تجعل لكليهما أحقية التواصل وبلوغ الهدف ووصل الغاية الى هدفها الحقيقي بدون ضرر. لم يكن ذلك البحث والدراسة في أهمية تكوين العلاقة والارتباط بين الرجل والمرأة وليد اللحظة أو خاص بزمن معين، بل كان حاضراً لمعرفة "سبب ونوع وأهمية العلاقة والارتباط " في المستقبل. وأخذتِ معرفةِ أهمية نشوء العلاقة والارتباط بين الرجل والمرأة أهمية وأولوية قصوى لكلا الجانبين سواء على المستوى الفردي الشخصي أو الجماعي لفهم "الغاية الحقيقة" من هذا الالتصاق او التواصل الثنائي, بيد أنه في حياة المدنية، شاب علاقة البناء والتواصل شيئا من التوجس والخوف، بأسباب مشكلات متعددة، منها الخيانةِ وحوادث العنف المتكرر الذي يحدث بصورة ظاهرة، وتصرفاتٍ غريبة، تجلب الريبة والشك والحيرة في المجتمع بصفة عامة، وما يرافق تلك الأمور من قلق مستمر يتهدد العلاقات الثنائية الناشئة بين الرّجل والمرأة. كانت الغاية الماثلة من أهمية وجود المرأة في حياة الرّجل في زمن بساطةِ الحياة، هو التعاضد والتكامل لتقوية جوانب النقص المادي الذي يعيشه الرجل المنفرد بلا أسرة ، كمرحلة أولية تساعده على البقاء والعيش بأمانٍ.
في المقابل كانت حالة الفقد تشكل عامل نقصٍ في عناصرَ أسرةٍ مكتملةٍ البناء، كون كفاءةَ العنصرٍ المُحيّد تذهبُ باتجاه محور آخر يوفي حاجته ومتطلباته ويشاركه الحياة، وهي الصورة الطبيعية التي تمثل حياة المجتمع بصورة مستمرة دون انقطاع . أي أن الحاجة للتعاضد والتكامل والبناء هو الهدف الأسمى وإن لم يسمى بيد أنه يبقى في صلب محتواه، " الهدف الأساسي والرغبة والحاجة الملحة" لاستكمال مشروع الاستقرار وبناء الحياة. لذلك كانت المرأة منذ البدايةِ تشكل نواة الجانب المشرق الذي يضيء ويكمل حياة الرّجل ويستنهض قيام رؤية ناجحة للحياةِ وتثبيت أسسها وقواعدها وتشد أركانها بالحب والتفاهم والانسجامِ التام. وما من شك أنه كانت تواجه الرجل في الحياة، صعوبات شتى من أجل تأمين لقمة العيش، ورغم تلك الصعوبات وشظف الحياة، إلا إنه يكافحُ بجد وإخلاص، فتقع عليه مسؤولية عظيمة في تحمل أعباء جمّة، في سبيل تأمين ما يحتاجه وأسرته في الحياة. في الجانب المقابل تقوم المرأة بدور عظيمٍ ومهم في تنظيم وترتيب وتكييف حياة الأسرة بما يتوافق مع قدراتها وحاجاتها بتقنين دقيقٍ دون توسع او مبالغة. هكذا كانت صورة الحياة الأولى الشّاقة التي واجهت حياة النبلاء. أما في عقود السّنوات الأخيرة بنشأة علمانيةِ المدنية وما شهدته الحياة من تطور ملفت وتحول وانتقالِ منْ مَرحلةِ التقنين الدّقيق، الى مرحلةِ التّوسعِ والهدرِ، فقد تبدلت أيضا تلك الصورة النمطية الكلاسيكيةِ وتحولت الى حياة ترف ومباهاة، وازدادت مظاهر البذخ والرفاهية المفرطة، بصورة ملفتةٍ الى أن صارتِ الرّفاهية الماديةِ مطلباً ضروريا من أهم الأولويات في حياةِ المجتمعاتِ. وظلِت المرأة بمنظور الارتقاء ركيزةٍ أساسية ودعامة في استمرار واستقرار حياة الرجل والأسرة من أجل البناء والتنمية.
مما يُلاحظ في الآونة الأخيرة أنه قد غُيب الهدف الأسمى وضعفت مكانة الغايةِ في العلاقة التي تربط المرأة بالرّجلِ، وظلتْ حالةِ التوجسِ والخَوفِ عاملاً وهاجساً مشتركاَ يتهدد تصور ما يمكنْ أنْ تكونَ عليهِ العلاقة في المستقبل بصورة خاصة، إما بسبب مشكلاتٍ عائليةٍ أو تجارب سابقةٍ مخيبةٍ للآمال، أو بسب التفاوتِ الطبقي في حياة المجتمع بشكل عام، او بسبب الشك في وجود روابط وعلاقات سابقة تسيطر على أفكار الشّخص، لهذا ازدادت حظوظ اختلاف الغايات والأهدافِ في حياةِ الرّجل والمرأة، نظراً لاتساع هوة الترابط والتواصل في وجود وتعدد فوارق الطبقاتِ الاجتماعية، والنواحي الثقافية والاقتصادية، بالرغم من رقي وتطور وسعة آفاقِ الثقافة والمعرفة لدى الجميع، هذا منْ ناحيةٍ، ومن ناحيةٍ أخرىَ بسببِ استحداث قوانين وأنظمةِ مدنية، مخالفةً للعاداتِ والقيمِ المجتمعيةِ المحافظةٍ التي تقوم على أسس المبادئ الأخلاقية والاحترام والتقدير المتبادل بين الجميع، إذ كان من المفترض إن يكون تعدد مستويات التفاوت الطبقي في المجتمع عاملا مساعدا لتكيف أفراد المجتمع مع الحياة ليكون الفرد قادرا في اختيار الشخصية التي تشاركه حياته في المستقبلِ، بتفاهم تام دون ضرر بمصلحه الشخصية ودون تكلف في تحمل أعباء مكلفةٍ لأي طرفٍ.
ومما يُلاحظ أيضا انه في ظل خلل القوانين والأنظمةِ وانصهار القيم المورثةِ، غابت فرص التفاهم الحقيقي والتوافق والحُوار بين الرّجل والمرأة حول تفاصيل جملة من الأمور المهمةِ باسم الحريةِ الشخصيةِ وأصبحت صورة تكرارية مستنسخة لحياة كثير من الأسر في المجتمعات العربية بصفة خاصة، بسبب ضياع الهوية الشخصية، والإعجاب بحياةِ المجتمعاتِ الغربية والانسياق خلف تطورِ المدنية دونَ فهمٍ حقيقي لطبيعةِ الحياة.
نحنُ في الوطن العربي نؤمنُ بمبدأ الحريةِ، على أن تكون لحياتنا معنى ونكهة خاصة تشعرنا بالسّعادة والرّاحة والطمأنينةِ، حتى في ظل وجود المشكلاتِ المادية و المعنوية التي تطرأ و تستجد في الحياة. صحيح أن المجتمعاتِ الغربيةِ لديها مساحة شاسعة من الحرية الشخصية، وكذلك المجتمعاتِ الشرقيةِ لكن على الأقل أن في حياةِ الشعوب الشرقية قليلا من الاحترام والانضباط للقوانين الأساسية والعاداتِ المحافظةِ والمبادئ والقيم المتعارف عليها والتي لا يمكن تخطيها عمداً أو تجاهلها، رغم سعةِ آفاق مساحةِ سقف الحريةِ الشخصية، فالمجتمعاتِ الغربيةِ التي تتمتع بمساحةٍ كبيرةٍ من الحريةِ، توجد فيها كثيراً من الأخطاء والعشوائيةِ والانحرافاتِ السلوكية وعدم الانضباطِ لحياةِ الأسر، كذلك باسم الحُرية الشّخصية، ولذلك تعد الحُريةِ المُنضبطةِ، المنظمةُ سمة مميزة لدى المجتمع الشّرقي خاصةً المجتمعاتِ الإسلامية المحافظِة. في المقابل تعد حياة المجتمعاتِ العربية أنموذجا جيداً للتفاهم والترابط الوجداني ورقي الحَياة، إذ تتمتعُ بمبادئ وعادات وقيم متقاربةٍ جداَ، من الصّعب الفصل بينها وبين مكانتها ومكونها الحقيقي، لكن مفهومِ الحُريةِ هنا مُختلف قليلا عن غيره فهو مُرتبطٌ ومحكوم في إطار العقيدة الدينية الواحدة، المضبوطةِ بتعاليم وقيم سَماوية، وهذا الارتباط بالعقيدة لا يشكل خللاَ في نهجِ الحَياةِ وترابطِ العلاقاتِ الشَخصيةِ في المجتمعِ المبني على الثقةِ والاحترامِ، لكنْ طبيعة الفكر والنفسِ العربية شغوفة دوماً بالفضولِ والاستكشافِ والمغامرة وحب التغيير والتجربة، وبالرَغم أن المجتمعاتِ العربيةِ أكثر تنظيماً وانضباطاً في حدود إطار تعاليم العقيدة الدينية الواحدة، إلا أنْه يتم تجاهل وتخطي القوانين والأنظمة وتعاليم العقيدة جهلاً، في خطِّ مستوى العلاقاتِ الشخصية فتحدثُ أخطاء، تكون المَرأة فيها،أحياناً عُرضة للاسْتغلالِ أوالخيانةِ من أي أحدٍ، حتى من أقرب الناس إليها، ومَنْ تُوليهم ثقتها الزائدةَ.
لذلك تطالبُ منظماتُ المجتمع المدني الحكومات بتوسيع صلاحيةِ الحَرية الشخصيةِ للمرأة، لضمان الحصول على حُقوقها الكاملةً في الحياة مساواةً بالرّجل، في فصلٍ تامٍ عن قيامَةِ الرّجل، أسوةً بغيرها في دول العالم، لكنّ ما يخشى منه هو تحولَ تلكَ المطالباتِ في نهايةِ الأمر، إلى أكبرَ عائق ومشكلةٍ تواجهُ حياةِ الأسرة نفسها، وانفراطِ عقد منظومتها الكاملةُ، والذي يشكل الرَّجل والمرأة سوياً، جانباً مُهماً فيْ استقرار الحياةِ وعماداً قوياً لثوابتِ الأسرة بكاملها، فتكونَ القوانين والنُّظم المستحدثةِ الغير مدروسة دراسةٍ منطقية بحيث تراعي الجانب العقدي وثوابتهِ، عاملَا قوياً في هدمِ المبادئ والقيم الأصيلة في المجتمع، وظهور مشكلاتٍ عديدة من قِبل أفراد وجماعاتِ غاضبة في المجتمع، يكون من الصعبِ السّيطرةَ على تلكَ المشكلاتِ المتفاقمةِ.
منْ الصّعب تجاهل أهميةِ العلاقاتِ المجتمعيةِ في الحَياةِ ، كونها تفعّل دور التواصل والعمل بما يخدمِ مصلحة الجميع في مختلف ميادين الخدماتِ العامةِ ، ولن ننسى أنّه تقع مسؤولية كبيرة على صاحب المؤسسة أو المسئول في دائرة العمل من أجل وضع قوانين تتوافق مع القوانين الرسمية في الدولةِ بحيث تعزز قيم المحافظةِ على الحقوق الخاصة دون أي ضرر يلحق بالمرأةِ العاملةِ.
في أغلب حالاتِ العلاقاتِ الناشئةِ بين الناسِ جميعاً، مبنية على التوافقٍ والتآلفِ والانسجام التام في بعض الموقفٍ، وأما بالاحترام والتقدير، أو بالحُبِ والإعجاب، أو بازدواجية خاصيةِ توافق المَصالحِ المشتركةِ. فيما يتعلق بالعلاقاتِ العاطفيةِ لحياةِ امرأة حَالمة وأملها في الارتباط برجلٍ مِثالي كأبيها مثلاً، فقد لا يحدثُ هذا صَراحَة في واقع حياةِ اليوم، إلا في الحِكاياتِ والقصصِ المَحبوكةِ والأفلام المعرُوضةِ على شاشاتِ التّلفزةِ ، وفي أغلبِ حالاتِ العلاقاتِ البينيةِ خاصةً في صفوفِ الشبابِ، يتم الإسهاب بشكل مُبالغ فيه التّحدث بكلامِ الحُبِ والغرامِ وقطع الوُعودِ في حَياةٍ مستقبليةِ سعيدة ، ولا يتم الحَديثِ أو التّطرق لجَوانبِ الحَياةِ الشَّخصيَّةِ المُهمَّةِ في حَياةِ كلا الجانبينَ، أو مناقشةِ خطط المَرحلةِ المُستقبليةِ، والتّكتم علىَ بعضِ الأشياء الدقيقةِ، والحَقائقَ المُهمَّةِ مَمَّا قد يُؤدي الأمر في نّهايةِ المَطافِ الى الاصطدامِ بواقعٍ مَرير، وينذرُ بِحدوث صَدَمَاتٍ غيرَ مُتوقّعةِ، وتفجرُّ مُشكلاتٍ وخلافاتٍ في العِلاقةِ، يصعبُ التّكهُن بنتائجها النَّهّائيّةِ. فتكونَ آمال امَرأةُ حَالمة قد اصطدمتْ عنْ قرب بحقيقة مَاضي رَجلٍ زئبقي.