المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المخرج من الفتن (الجزء السابع)


الوافي
12-31-2018, 07:32 AM
المخرج من الفتن (الجزء السابع)

بسم الله الرحمن الرحيم


إِنَّ النَّاظِرَ فِي حَالِ الْعَالَمِ الْيَوْمَ، وَخَاصَّةً فِي بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، عَلَى مُسْتَوَى أَفْرَادِهِمْ وَمُجْتَمَعَاتِهِمْ يَجِدُ أَنَّهُمْ يَمُرُّونَ بِفِتَنٍ عَظِيمَةٍ، وَمِحَنٍ جَسِيمَةٍ، تَعَاظَمَ خَطَرُهَا، وَتَطَايَرَ شَرَرُهَا، تَنَوَّعَتْ أَسْبَابُهَا وَاخْتَلَفَتْ مَوْضُوعَاتُهَا؛ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا، فِي الْعُقُولِ وَالأَنْفُسِ، فِي الأَعْرَاضِ وَالأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ وَالْمُمْتَلَكَاتِ، تَتَضَمَّنُ فِي طَيَّاتِهَا تَحْسِينَ الْقَبِيحِ، وَتَقْبِيحَ الْحَسَنِ، وَلأَجْلِ هَذَا فَقَدْ جَاءَ الشَّارِعُ الْحَكِيمُ بِالتَّحْذِيرِ مِنْ غَوَائِلِ الْفِتَنِ وَشُرُورِهَا وَمُدْلَهِمَّاتِهَا، وَقَدْ وَصَفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه- الْفِتَنَ بِقَوْلِهِ: "تَبْدَأُ فِي مَدَارِجَ خَفِيَّةٍ، وَتَؤُولُ إِلَى فَظَاعَةٍ جَلِيَّةٍ، فَتَزِيغُ قُلُوبٌ بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ، وَتَضِلُّ رِجَالٌ بَعْدَ سَلاَمَةٍ، وَتَخْتَلِفُ الأَهْوَاءُ عِنْدَ هُجُومِهَا، مَنْ أَشْرَفَ لَهَا قَصَمَتْهُ، وَمَنْ سَارَ فِيهَا حَطَمَتْهُ" ثُمَّ يُوَجِّهُ -رضي الله عنه- بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى اجْتِنَابِ الْفِتَنِ فَيَقُولُ: "فَلاَ تَكُونُوا أَنْصَابَ الْفِتَنِ، وَأَعْلاَمَ الْبِدَعِ، وَالْزَمُوا مَا عُقِدَ عَلَيْهِ حَبْلُ الْجَمَاعَةِ، وَبُنِيَتْ عَلَيْهِ أَرْكَانُ الطَّاعَةِ، وَأقْدَمُوا عَلَى اللهِ مَظْلُومِينَ، وَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ظَالِمِينَ" [موقف المسلم من الفتن، عبد الله الجار الله]

«العزلة عند اضطراب الحق بالباطل»
أما «الحق» فإنه يعرف بأمارات الوحي ودلالات العقل والحكمة، وليس شرطا فيه كثرة أتباعه ولا أنصاره، بل الواقع أن أهل الحق في كل زمان قلة مستضعفة، فإذا أعطاهم الله شيئًا من متاع الدنيا فهو العارِض لا الأصل، كما أن الحق والباطل يتداولان النصر والهزيمة، فليس من علامات الحق انتصاره ولا انهزامه.
وتكليف الله لعباده -والذي لا يسقط إلى قيام الساعة- هو «التزام الحق، والدفاع عنه، والدعوة إليه، والتضحية في سبيله قدر الوسع والطاقة»، أما انتصاره في دنيا الناس فليس بيدِ الخلق.

• عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: (أظلتكم فتن كقطع الليل المظلم، أنجى الناس منها صاحب شاهقة [أي مقيم بجبل عالٍ]، يأكل من رِسْلِ غَنَمِهِ [لبنها]، أو رجل من وراء الدروب [أي الطرق جمع درب كفلوس وفلس وأصله المدخل بين جبلين] آخذ بعنان فرسه يأكل من ظل سيفه) [صحيح الجامع:1035].

• قال -صلى الله عليه وسلم-: (يُوشِكُ أنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتَّبعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ، وَمَواقعَ الْقَطْر يَفِرُّ بِدينِهِ مِنَ الفِتَنِ) [البخاري] شَعَفُ الجِبَالِ: أعْلاَهَا ورؤوسها، ومواضع القطر: بطون الأودية .

• عن حذيفة، قال: "يأتي على النَّاس زمانٌ خيرُ منازلهم البَادية".

• وروى أبو داود عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنه- قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم– إِذْ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ فَقَالَ: (إِذَا رَأَيْتُمُ النَّاسَ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ وَكَانُوا هَكَذَا [وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ]) قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: (الْزَمْ بَيْتَكَ، وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَخُذْ بِمَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ، وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ).
• عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ وَمَوْتًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى يُقَوَّمَ الْبَيْتُ بِالْوَصِيفِ -يَعْنِي الْقَبْرَ- قُلْتُ: مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ أَوْ قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: تَصَبَّرْ قَالَ: كَيْفَ أَنْتَ وَجُوعًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى تَأْتِيَ مَسْجِدَكَ فَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى فِرَاشِكَ وَلَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَقُومَ مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ قَالَ: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ أَوْ مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ قَالَ: عَلَيْكَ بِالْعِفَّةِ ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ أَنْتَ وَقَتْلًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى تُغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ [موضع بالمدينة] بِالدَّمِ قُلْتُ: مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ قَالَ: الْحَقْ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا آخُذُ بِسَيْفِي فَأَضْرِبَ بِهِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ: شَارَكْتَ الْقَوْمَ إِذًا وَلَكِنْ ادْخُلْ بَيْتَكَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ دُخِلَ بَيْتِي قَالَ: إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فَأَلْقِ طَرَفَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ فَيَبُوءَ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ فَيَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) [ابن ماجة]

• عن أبي بردة -رضي الله عنه- قال: دخلت على محمد بن مسلمة -رضي الله عنه- فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: (إنها ستكون فتنة وفرقة واختلاف، فإذا كان كذلك فأتِ بسيفك أُحُداً فاضربه حتى ينقطع، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يدٌ خاطئة، أو منيّة قاضية). [النسائي] وفيه إشارة إلى أن من كان يملك أسباب الفتنة فليتخلص منها.

• عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا وَيُمْسِى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ وَالْمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِى فَكَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ [أوتار الرمح] وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ فَإِنْ دُخِلَ عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَىْ آدَمَ). [أبو داود] ‌ هو هابيل الذي قتله أخوه قابيل

• عن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ أَلَا ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي فِيهَا وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي إِلَيْهَا أَلَا فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا أَرْضٌ قَالَ يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ ثُمَّ لِيَنْجُ إِنْ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ) قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي قَالَ: (يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) [رواه مسلم]

اسير الشوق
01-02-2019, 07:26 AM
ارك الله فيكم ونفعنا بما قدمتم
جزاكم الله خير الجزاء
سلمت اناملكم
فى انتظار ابدعاتكم
دمتم متألقين مبدعين متميزين

ترانيم ألشجن
01-03-2019, 05:49 AM
http://www.hamasatdamad.com/upload/do.php?img=4662

جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف وإختيارك القيّم
رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها
وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة
وأجـــــــــزل لك العطـــاء

http://www.hamasatdamad.com/upload/do.php?img=4662

عاشق الغاليه
01-09-2020, 09:20 PM
طرح رااااااااااائع وقيم
لا عدمنا تواجدك الجميل
و روعة حضورك الراقي
دام لنا عطاؤك المتميز
مودتي لكم جميعا