المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزعيم الصغير


جنة الروح
05-07-2024, 03:56 AM
من جماليات الطفولة حبّ التقليد، وأحيانًا يكون هناك من يبدع في تقليد الكبار بمهارة فائقة.

كانوا صغار السن، أو هكذا بدا لي، حيث كنت صغيرًا مثلهم، ولكنّي - لسبب أجهله - كنت أراقبهم والحسرة تعتصرني، كان الزمان في بدايات الستينيات من القرن العشرين.

كان الأطفال في أيام العطل الدراسية، يصعدون على سور المدرسة الحجري، يلمحون رجال الشرطة الذين لا يتجاوزن عشرة أشخاص في طابورهم الصباحي بزيّهم العسكري. كان منظر انتظامهم جميلًا ومهيبًا، لم يألفه الأطفال، تدريبات الجنود ببزاتهم العسكرية وبنادقهم المحمولة على الأكتاف يثير في نفوسهم الفخر الإعجاب.

أما الذي كان يقوم بقيادتهم وتدريبهم، فرجل حنطي اللون، يأمرهم بطريقة غير معتادة، وبلهجة تختلف عن لهجة المنطقة، ولكنها مفهومة على كلّ حال.
كانوا يراقبون تلك …
قد يصل العدد أحيانًا إلى الستين طفلًا أو شابًا صغيرًا، وبعد أن يزداد اللعب حماسًا، يُهيأ للأطفال وكأنّ الأمر تحول من مجرد لعبة إلى فعل حقيقي، بل قد ينتج عن بعض العراك بينهم إصابات دموية. يزداد المشاركون شجاعة، فلا مجال للضحك أو السخرية أو الثرثرة.

انضم إلى جوقة الموسيقى التنكية في المقدّمة، مكي، صاحب المزمار الكبير، وزكريا بصحنيه المعدنيين الكبيرين، لتكتمل الجوقة الموسيقية.
"اِمشِ بثبات، هيّا"، صاح الزعيم الصغير في منتظمي الطابور الذي اتسعت حلقته.

اعدل نفسك أيّها الجندي، اضبط تليلك. هيّا امشِ في طابور معتدل، ارفع رأسك عاليًا، لا تشغلك جموع الناس من تأدية واجبك، هيّا، حرّك قدمك اليمنى أولًا واليسرى بعدها، هيّا، اِمشِ بانضباط!

ازداد العدد، وقف المتفرجون والمتفرجات على طول الخط، غالبيتهم من الكبار والعجائز، مندهشين لهذه اللعبة التي أصبحت بفعل الحماس، والتشجيع تتحول إلى ما يشبه الجدّ.
يصيح الزعيم الصغير، عندما يصل التشجيع إلى منتهاه بالقول: اعدل نفسك، حدّد هدفك، اضرب بحذائك الأرض، اجعلها قوية.
صاح بأعلى صوته آمرًا: كلّ من ليس له حذاء يخرج من الطابور!
(قال الزعيم) وهو متجهّم الوجه: طربق، طربق، طربق طربق، اضرب الصفائح بقوة أكثر أيّها الشجاع! صوّب تليلك، هيّا، هيئ بندقيتك، صوّبها إلى هدفك.

هل أمامك عدو؟ أم أخ؟ أم صديق؟ اعرف عدوك!

لماذا يدك لا تعمل أيها الخامل الكسول؟
لماذا لا تجعل يدك اليسرى مضمومة؟ هل أصيبت بحجر؟ أصبروا أيها الأبطال الصغار، هيا تحركوا بانتظام، بانتظام أكثر!

يتوجه إلى صبي أصغر منه، قائلًا بصوت قوي: ألم تسمع الفرقة الموسيقية، ألا تعرف ما هي الموسيقى؟ تبًّا لكم أيها الصغار، الذي لا يجيد حمل التليل أو من أصابه التعب فالأفضل له أن يخرج من حلبة الطابور.

فيولا
05-07-2024, 07:39 AM
طرح قيم جدا
تسلم ايدك
عطاء دائم
جهود رائعه

جنة الروح
05-07-2024, 10:04 AM
أجــمل وأرق باقات ورودى
لردك الجميل ومرورك العطر
ودي لك
https://up6.cc/2024/05/171475039593181.gif

الملكة شهر زاد
05-14-2024, 04:11 AM
شكرًا جزيلًا على الطرح الرائع والمميز.. واصل تألقك معنا بارك الله فيك، ننتظر منك الكثير من خلال إبداعاتك المميزة، لك مني أجمل تحية