اثير حلم
01-26-2019, 03:42 PM
http://cdn.akhbarak.net/photos/articles-photos/2017/5/27/25395416/25395416-v2_xlarge.jpg?1495919270
بقلم : عبدالله البنين
قال : أبلغ صاحبُكَ أنهُ " أكبرَ مُسَلّك ". وجاءنيْ بالفعلِ وأبلغنيْ عِبارةَ صَاحِبهُ بأنني " أكبر مسلك". بطبيعةِ الحَال حتىَ هاتهِ اللحظة التي أكتبَ فيها المقالَ، قضيتُ وقتاً طويلاً، وأنا أفكرُ في مصطلح تلكَ العبارةَ الغامِضةَ بالنسبةِ لي وما تعنيه، أيقنتُ أنها في دائرةِ قاموسِ اللهجةِ الدارجةِ، وتجافيتُ أنْ أسالَ صَاحبيْ عنْ مَعناها، مستنكفاً كثرةِ الأخذَ والرد في الحَديث، فلدينا الوقتَ الكافي لنتحدثَ ونسأل، وإلّم يكنْ اليوم فغداً قريبٌ. شاءَ القدرْ أنْ التقيْ بصاحبهِ، الذي لا تربطني بهِ أيةَ صداقةً أو معرفةٍ في لقاءٍ عابرٍ فسألتهُ إنْ كانَ قابلَ فلاناً صَاحبهُ وحملّهُ عبارةً ليبلغنيها . قالَ نعم، فهلْ أبلغكَ عبارتيْ يا أستاذ ؟ فأجبتهُ : إذا لماذا سَألتُكَ ؟ لكنْ ماذا تقصدْ بتلكَ العبارةَ وما المناسبةَ ؟
قال : أنَا أعتذرْ لكَ إنْ تكنْ عبارتي أغضَبتَكَ خاصةً أنهُ لا توجدْ بيننا أيةَ علاقةَ من قبلْ تستدعيْ أنْ أبوحْ لهُ بذلكَ لإبلاغكَ، بيدَ أنها تبرئةَ للذمةِ في اغتيابكَ، وكانَ بالإمكانْ أنْ أحتفظَ بفضوليْ لنفسيْ دونماَ أذكركَ . أما المناسبةَ يا سيديْ الكريم، أننيْ حضرتُ مجلساَ كنتَ فيه، فاحتدمَ النقاشَ بينَ مُتَحَاوِرَينْ اثنينْ بيننا، ووصلَ إلىَ حُدودِ الجدلَ والتخاصمَ، إذ كانَ الحَدِيثُ فيْ أمرٍ منْ أمورِ السياسةَ، فكانَ كلّ واحدٍ منهمْا، يريدَ أنْ يفرضَ أو يثبتَ وجهةَ نظرهِ، بمعلوماتٍ قد لا تمتْ للحقيقةِ بصلةٍ، وربما يكونانِ أيضاً علىَ خطأ، وسألاكَ عنْ رأيكَ فأعطيتَ كلاَ مِنهما الحقَ، إحتماليةِ أنْ يكونا علىَ صوابِ أو يكونا علىَ خَطَأ. هذا هو الموقف!
وهذا ما جعلنيْ أقولُ صَرَاحَةً لصاحبيْ فلاناً عنكَ، أنكَ مُسلكْ أو مُصَرّف.
أجبتهُ صَراحةً ماذا تعنيْ هذهِ الكلماتُ بالضبطْ، هلْ أفهمْ من حديثكَ أنها تعنيْ المجاملةَ ؟ قال : نعمْ ، قلتُ له : لماذا لم تصححْ أنتَ لهما المَعلومَةَ أوجهة نظرهما؟ قال : لأنهما سألاكَ أنتْ وطلبا رأيكَ للفصلِ فيما كانا فيهِ يختلفانِ.
استرسلتُ فيْ حديثيْ معه، وبينتُ له أنْ حديثً المَجَالسَ لا ينتهِ أبداً في أمورٍ شتىَ، فمرةً يكونَ الحديثُ في السّياسةِ، وتارةُ في الاقتصادِ، وغيرها في الرّياضةِ، وفي التسوقِ والسفرَ والمشكلاتِ والحياةِ الاجتماعيةِ وعلىَ هذا النحو وغيرهِ، لكنْ المهمَ في الأمر هل هذا يقدمُ أو يؤخر فيْ شيء، وإذا حصحصَ الأمر فلنْ تجدَ قولاً فصلْ أو قناعةٍ في تلكَ السجالاتِ المتواترةَ.
يا سيديْ لسنا فيْ حلقاتِ علمٍ أو مُحَاضَرَاتٍ أو ندواتٍ أو لقاءاتٍ نمليَ علىَ الحاضرينَ أو ندليْ بآرائنا ولم يستشرنا أحدٌ للإدلاء برأيٍ يَحل مُشكلةٍ مجتمعيةٍ فإنَّ أجواءَ المناسباتِ والاحتفالاتِ الخاصةَ ليستْ للحواراتِ والمناكفاتِ القوليةِ التيْ لا تحقق فائدةَ، فأخبرنيْ بالضبطْ ما الذيْ حَدثْ مباشرةَ بعدَ تناولَ مؤدبةِ العشاءِ؟ إنَّ أغلبيةَ منْ حَضرَ غسلَ يديهِ وغادرَ المجلسَ دونَ أنْ يلقيْ تحيةَ الوَدَاع علىَ الباقينَ، ومنَ جلسَ نأى بنفسهِ فيْ زاويةٍ بعيدةٍ وظلّ يفتشَ في هاتفهِ الخلويْ ولم يأبهْ بمنْ مَرّ أمامهْ .
قال بلهجتهِ المحليةَ المُحْتَرَمَةَ جِداَ : صدقتْ تحسْ وكأنهمْ منْ كلامهم كَانوا " يطقطقوا " حتىَ يجيْ وقتْ العَشَا. فابتسمتُ وقلتْ : والله هاتيْ الكلما أيْضَاُ ما عرفتُ معناها، لكنْ ماشي مشكلا، هاتي الكلما متلَ الليْ قبلها.
يا سيديْ ليس كل ما نعرفهُ أو مَا لا نعرفهُ يجبْ أنْ نتكلمْ، أحياناً يكون السكوتُ منْ ذهبْ، لكنيْ قد أشرتُ بإشارةٍ ربما هيْ أبلغُ من عِبارةٍ، وكل شخصٍ لديهِ تفسير شخصيْ مختلفٌ عن تفسيرِ غيره، مثلما اعتقدتَ تماماً، وللناسِ فيما يعشقونَ مذاهبُ. لمْ يكنْ يا سيديْ حديثكَ معكَ بمثابةِ محاضرةَ. لكنْ أنا مُعجبْ حقيقةً بعبارةٍ جميلةٍ يرددها سُكانْ مُجتمع شعبْ الكنانةَ أكثرَ من غيرهمْ منَ المجتمعاتِ العربيةَ " الليْ اختشوا ماتوا" رد عليا صاحبنا متجهماً، وكأنهُ يريدُ أنْ يفتحَ معيْ حَربَ مُوَاجَهَةٍ .. يا أخيْ واش تقصدْ؟
بقلم : عبدالله البنين
قال : أبلغ صاحبُكَ أنهُ " أكبرَ مُسَلّك ". وجاءنيْ بالفعلِ وأبلغنيْ عِبارةَ صَاحِبهُ بأنني " أكبر مسلك". بطبيعةِ الحَال حتىَ هاتهِ اللحظة التي أكتبَ فيها المقالَ، قضيتُ وقتاً طويلاً، وأنا أفكرُ في مصطلح تلكَ العبارةَ الغامِضةَ بالنسبةِ لي وما تعنيه، أيقنتُ أنها في دائرةِ قاموسِ اللهجةِ الدارجةِ، وتجافيتُ أنْ أسالَ صَاحبيْ عنْ مَعناها، مستنكفاً كثرةِ الأخذَ والرد في الحَديث، فلدينا الوقتَ الكافي لنتحدثَ ونسأل، وإلّم يكنْ اليوم فغداً قريبٌ. شاءَ القدرْ أنْ التقيْ بصاحبهِ، الذي لا تربطني بهِ أيةَ صداقةً أو معرفةٍ في لقاءٍ عابرٍ فسألتهُ إنْ كانَ قابلَ فلاناً صَاحبهُ وحملّهُ عبارةً ليبلغنيها . قالَ نعم، فهلْ أبلغكَ عبارتيْ يا أستاذ ؟ فأجبتهُ : إذا لماذا سَألتُكَ ؟ لكنْ ماذا تقصدْ بتلكَ العبارةَ وما المناسبةَ ؟
قال : أنَا أعتذرْ لكَ إنْ تكنْ عبارتي أغضَبتَكَ خاصةً أنهُ لا توجدْ بيننا أيةَ علاقةَ من قبلْ تستدعيْ أنْ أبوحْ لهُ بذلكَ لإبلاغكَ، بيدَ أنها تبرئةَ للذمةِ في اغتيابكَ، وكانَ بالإمكانْ أنْ أحتفظَ بفضوليْ لنفسيْ دونماَ أذكركَ . أما المناسبةَ يا سيديْ الكريم، أننيْ حضرتُ مجلساَ كنتَ فيه، فاحتدمَ النقاشَ بينَ مُتَحَاوِرَينْ اثنينْ بيننا، ووصلَ إلىَ حُدودِ الجدلَ والتخاصمَ، إذ كانَ الحَدِيثُ فيْ أمرٍ منْ أمورِ السياسةَ، فكانَ كلّ واحدٍ منهمْا، يريدَ أنْ يفرضَ أو يثبتَ وجهةَ نظرهِ، بمعلوماتٍ قد لا تمتْ للحقيقةِ بصلةٍ، وربما يكونانِ أيضاً علىَ خطأ، وسألاكَ عنْ رأيكَ فأعطيتَ كلاَ مِنهما الحقَ، إحتماليةِ أنْ يكونا علىَ صوابِ أو يكونا علىَ خَطَأ. هذا هو الموقف!
وهذا ما جعلنيْ أقولُ صَرَاحَةً لصاحبيْ فلاناً عنكَ، أنكَ مُسلكْ أو مُصَرّف.
أجبتهُ صَراحةً ماذا تعنيْ هذهِ الكلماتُ بالضبطْ، هلْ أفهمْ من حديثكَ أنها تعنيْ المجاملةَ ؟ قال : نعمْ ، قلتُ له : لماذا لم تصححْ أنتَ لهما المَعلومَةَ أوجهة نظرهما؟ قال : لأنهما سألاكَ أنتْ وطلبا رأيكَ للفصلِ فيما كانا فيهِ يختلفانِ.
استرسلتُ فيْ حديثيْ معه، وبينتُ له أنْ حديثً المَجَالسَ لا ينتهِ أبداً في أمورٍ شتىَ، فمرةً يكونَ الحديثُ في السّياسةِ، وتارةُ في الاقتصادِ، وغيرها في الرّياضةِ، وفي التسوقِ والسفرَ والمشكلاتِ والحياةِ الاجتماعيةِ وعلىَ هذا النحو وغيرهِ، لكنْ المهمَ في الأمر هل هذا يقدمُ أو يؤخر فيْ شيء، وإذا حصحصَ الأمر فلنْ تجدَ قولاً فصلْ أو قناعةٍ في تلكَ السجالاتِ المتواترةَ.
يا سيديْ لسنا فيْ حلقاتِ علمٍ أو مُحَاضَرَاتٍ أو ندواتٍ أو لقاءاتٍ نمليَ علىَ الحاضرينَ أو ندليْ بآرائنا ولم يستشرنا أحدٌ للإدلاء برأيٍ يَحل مُشكلةٍ مجتمعيةٍ فإنَّ أجواءَ المناسباتِ والاحتفالاتِ الخاصةَ ليستْ للحواراتِ والمناكفاتِ القوليةِ التيْ لا تحقق فائدةَ، فأخبرنيْ بالضبطْ ما الذيْ حَدثْ مباشرةَ بعدَ تناولَ مؤدبةِ العشاءِ؟ إنَّ أغلبيةَ منْ حَضرَ غسلَ يديهِ وغادرَ المجلسَ دونَ أنْ يلقيْ تحيةَ الوَدَاع علىَ الباقينَ، ومنَ جلسَ نأى بنفسهِ فيْ زاويةٍ بعيدةٍ وظلّ يفتشَ في هاتفهِ الخلويْ ولم يأبهْ بمنْ مَرّ أمامهْ .
قال بلهجتهِ المحليةَ المُحْتَرَمَةَ جِداَ : صدقتْ تحسْ وكأنهمْ منْ كلامهم كَانوا " يطقطقوا " حتىَ يجيْ وقتْ العَشَا. فابتسمتُ وقلتْ : والله هاتيْ الكلما أيْضَاُ ما عرفتُ معناها، لكنْ ماشي مشكلا، هاتي الكلما متلَ الليْ قبلها.
يا سيديْ ليس كل ما نعرفهُ أو مَا لا نعرفهُ يجبْ أنْ نتكلمْ، أحياناً يكون السكوتُ منْ ذهبْ، لكنيْ قد أشرتُ بإشارةٍ ربما هيْ أبلغُ من عِبارةٍ، وكل شخصٍ لديهِ تفسير شخصيْ مختلفٌ عن تفسيرِ غيره، مثلما اعتقدتَ تماماً، وللناسِ فيما يعشقونَ مذاهبُ. لمْ يكنْ يا سيديْ حديثكَ معكَ بمثابةِ محاضرةَ. لكنْ أنا مُعجبْ حقيقةً بعبارةٍ جميلةٍ يرددها سُكانْ مُجتمع شعبْ الكنانةَ أكثرَ من غيرهمْ منَ المجتمعاتِ العربيةَ " الليْ اختشوا ماتوا" رد عليا صاحبنا متجهماً، وكأنهُ يريدُ أنْ يفتحَ معيْ حَربَ مُوَاجَهَةٍ .. يا أخيْ واش تقصدْ؟