تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الصوم بين الظاهر و الحقيقة


الوافي
02-20-2025, 05:44 AM
الصوم بين الظاهر و الحقيقة

د. خالد سعد النجار


بسم الله الرحمن الرحيم


تقوم العبادات في الإسلام على ظواهر وحقائق لا يتم كمالها وتمامها إلا بأدائها، فالظواهر هي ما يتناوله الفقهاء بالحديث عن أركان وشروط العبادة، كوقت أدائها وكيفية الأداء والسنن والمستحبات المصاحبة لها والنواقض والبدع التي طرأت عليها.

وأما الحقائق فيقصد بها الأمور الباطنة الخاصة بروح العبادة، والمقصودة حقيقة منها كي تنال القبول عند الله تعالى ويكون عليها الجزاء الأوفى في الدنيا والآخرة، كالإخلاص المنافي للرياء، والخشوع المنافي للغفلة.. وغيرها من الآداب والفضائل.

ونحن في حديثنا عن الظواهر والحقائق الخاصة بالعبادة لا نماثل ولا نوافق الفرق الضالة المبتدعة التي ظهرت في بعض العصور الإسلامية والتي قسمت الدين إلى ظاهر وباطن كالباطنية، أو التي قسمت الإسلام إلى شريعة وحقيقة كغلاة المتصوفة، وكان القصد خبيثا وراء تلك التقاسيم، لتفريغ الدين عن محتواه الحقيقي وتفسيره وفق أهوائهم، ونصرة آرائهم الباطلة.

بل إننا نعنى بحقيقة العبادة: تلك الآداب التي تلزم هذه العبادة كي تصل إلى درجة الكمال، وهو ما يتحدث عنه علماء السلوك والزهد والرقائق معتمدين في حديثهم على الفهم الصحيح للآيات القرآنية والسنة النبوية الثابتة عن المعصوم صلوات الله وسلامه عليه.
وحاجة العبادات لصلاح الظاهر والباطن أمرا معلوما من الدين بالضرورة، نجد له شواهد عديدة في الكتاب الجليل والسنة الصحيحة.

ففي الدعوة للإخلاص يقول تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة و ذلك دين القيمة } [البينة:5]، وكان صلى الله عليه وسلم يقول عند تلبيته بالحج: «اللهم حجه لا رياء فيها ولا سمعه»(1)

وفي الدعوة للخشوع يقول صلى الله عليه وسلم: «رب قائم ليس له من قيامه إلا السهر»(2)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها» (3)

وهذا الأمر يشمل الصيام أيضاً باعتباره من أجل العبادات، فالفقهاء عرفوا الصيام بأنه: «إمساك المكلف بالنية عن تناول المطعم والمشرب والاستمناء والاستقاء من الفجر إلى المغرب».

وقسموه ثلاثة أقسام: واجب للزمان وهو صوم شهر رمضان، وواجب لعله وهو صوم الكفارات، وواجب بإيجاب الإنسان على نفسه وهو صوم النذور.

وكتب الفقه الإسلامي مملوءة بالعديد من الضوابط والأحكام الخاصة بالصوم كأركان الصيام ونوا قضه والقضاء والفدية والكفارات إلى غير ذلك من الأحكام.

وأما عن حقيقة الصيام فهناك العديد من الآداب التي لابد لها وأن تلازم الصائم كي يتم له صومه الحقيقي المتقبل عند الله تعالى، ولا يكون كمن قال فيه صلى الله عليه وسلم: «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع»(4)

يقول الإمام الغزالي: «اعلم أن الصوم ثلاث درجات: صوم العموم، وصوم الخصوص، وصوم خصوص الخصوص. أما صوم العموم: فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة، وأما صوم الخصوص: فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام، وأما صوم خصوص الخصوص: فصوم القلب عن الهضم الدنية والأفكار الدنيوية وكفه عما سوى الله بالكلية، فهو إقبال بكنه الهمة على الله عز وجل وانصراف عن غير الله سبحانه»(5).

وقال البيضاوى: «ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش، بل ما يتبعه من كسر الشهوات، وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر القبول».

ناطق العبيدي
02-20-2025, 01:35 PM
اللهم نسالك رضاك والجنـة والنجاة من النار
سبحانه كريم رحيم غفورحليم
الله يرفع قدرك اخي الكريم