احبك موت
04-22-2019, 02:23 PM
يا حافر حفرة السُّوء... يا واقع فيها
كان من عادة احد ملوك الزمان أن يخرج مع وزيره في كل عدة سنوات لتفقد أحوال الرعية وكيف تؤول البلاد. في احدى جولاتهما بين البوادي والحضر تركا حصانيهما يرعيان في واحة صغيرة ومضيا الى بيت يبعد قليلا عن تلك الواحة في البادية. وحين اقتربا من البيت وجداه لرجل وامراة فقيرين من البدو، كانا يملكان ذلك البيت المنسوج من صوف الحيوانات، وناقة يقضيان بها حاجاتهما في النقل والتنقل ويشربان لبنها.
ما كادا يصلان البيت الا والتقاهما الاعرابي مرحبا ومهللا بالضيفين وهو لا يعرف من هما بل لم يعرف بأن أحدهما هو ملك كل هذه البلاد. وكعادة العرب في إكرام الضيف قام بواجبهما بما كان يستطيع، ذبح الناقة بينما هو لا يملك غيرها، وقدمها طعاما للضيفين من باب الاحترام وواجب الضيافة.
همس الوزير للملك: لقد ذبح الرجل ناقته مع أنه لا يملك غيرها، ما رأي مولانا ان نضع له مبلغا من المال تحت الفراش قبل ان نتركه لأجل ان يشتري ناقة بدلا من التي قدمها لنا طعاما؟ إستحسن الملك فكرة الوزير، وبدون ان يعلم الاعرابي قام بدس كيس من النقود تحت الفراش، واستأذن الضيفان وانصرفا.
قامت زوجة الاعرابي ودخلت المكان اين كان يجلس الضيفان لأجل تنظيفه. قامت بطي الفراش فاذا بها تجد كيس النقود، نادت زوجها واخبرته فما كان من الاعرابي الا أن قام في اليوم التالي، اخذ كيس المال، وراح يسأل بين العربان عن الضيفين. وحينما أعطى أوصافهما لمن التقى بهم من الناس، قالوا له ان ضيفاه كانا الملك ووزيره، إهتم اكثر ودفعته النخوة والامانة ان يوصل الامانة لاصحابها.
ذهب الى قصر الملك واستأذن بالدخول، فوجده جالسا والوزير بصحبته. قدم كيس النقود الى الملك فما كان من الملك الا ان انكر انه له، ولم يجد الاعرابي بدا الا ان يعود الى زوجته ومعه كيس النقود.
وفعلا عاد الى زوجته وأخبرها بان الضيفين انكرا ان كيس النقود لهما، فقالت له لقد عوضنا الله عن الناقة، وهذا رزق من الله، إذهب الى السوق واشترى ناقة وخيمة كبيرة عسى ان يوسع الله علينا. وفعلا اشترى الاعرابي ناقة وخيمة وراح ينصب الخيمة والزوجة تساعده. وبينما هو يقوم بالحفر لتثبيت عامود الخيمة اذا بفأسه يصطدم بشيء غريب. راح يتفحص المكان فاذا به يجد صندوقا مدفونا. أخرج الاعرابي الصندوق من تحت التراب ثم قام بفتحه فوجده مملوءا بجنيهات الذهب.
أراد أن يعز الاعرابي نفسه فالجود من الموجود، وان الله يحب ان يرى نعمته على عبده. بنى قصرا كبيرا لم تشهد المنطقة مثله، وراح يبني بيوتا للفقراء حول القصر وقريبا منه. مر وقت فاذا بالمنطقة حول القصر قد عمِّرت وكثرت البيوت فيها واصبحت مدينة كبيرة، فتحت فيها الاسواق واجتمعت فيها مصالح الناس وكثر الحرفيون والخدمات وراجت التجارة، وذاع صيتها في طول البلاد وعرضها.
ما كاد الوزير يعلم بأمر تلك المدينة حتى ذهب مسرعا الى قصر الملك وأعلمه بما سمع عن المدينة الجديدة، واقترح عليه القيام بزيارتها. قام الملك والوزير بعمل زيارة خاطفة للمدينة وهما متخفيان، فأعجبا بما شاهدا من رواج وحركة في المدينة. سألا عن وجيه القوم فيها حتى وصلا الى قصر الاعرابي ونزلا عنده. عرفا انه الاعرابي الذي ذبح لهما ناقته منذ عشر سنوات وتركا له كيسا من النقود تحت الفراش.
تسائل الوزير من اين للاعرابي ان يشتري قصرا كهذا وقد كان شبه معدما؟ ما كان منه الا أن أشار على الملك، بأن يقطع رأس الاعرابي، لأنه لو بقي حيا قد يُشكل قوة ويقاتله ويصبح ملكا على البلاد.
وافق الملك وطلب من الوزير بعدما يعودا لقصر الملك، عليه ان يضع خطة منطقية محكمة يقبلها الناس عند التنفيذ حينما يشرع في جز رقبة الاعرابي بالسيف. قال الوزير الخطة سهلة يا مولاي، وستكون قصيرة حتى لا تحدث بلبلة بين الناس وتحدث الاشاعات والشكوك والظنون عن سبب قتل الاعرابي.
الخطة يا مولاين هي، أن نطرح على الاعرابي السؤال التالي:
ما معنى: هَوْ ... هَوْ ... هَوْ ... ؟
فلا يجد الا ان يجيب عليه بالقول: انه الكلب. وبذلك تكون نهايته ونقوم بقطع رأسه، ويصبح قصره ملكك يا ملك الزمان.
أعجب الملك بذكاء الوزير وبالخطة التي وضعها. تم استدعاء الاعرابي بحضور حاشية الملك ووجهاء البلاد، واصبح الجميع متحفزون لانتظار النتيجة. قال الملك سائلا الأعرابي: ما معنى : هَوْ ... هَوْ ... هَوْ ... ؟ أجاب
الأعرابي:
هَوْ ... الأولى "سبحان من طيّر الطيرَ بالجو".
هَوْ ... الثانية، "سبحان من أمشَى الأعمى من غير ضَو".
هَوْ ... الثالثة (وأشار بيده نحو الوزير)، "سبحان من يقضي بعدله على كل من كان محضر سَو".
لم يُضع الملك لحظة، إستل سيفه وهوى به على عنق الوزير فأطارها عن الجسد، وعمل على تعيين الاعرابي الكريم الفطن وزيرا له
كان من عادة احد ملوك الزمان أن يخرج مع وزيره في كل عدة سنوات لتفقد أحوال الرعية وكيف تؤول البلاد. في احدى جولاتهما بين البوادي والحضر تركا حصانيهما يرعيان في واحة صغيرة ومضيا الى بيت يبعد قليلا عن تلك الواحة في البادية. وحين اقتربا من البيت وجداه لرجل وامراة فقيرين من البدو، كانا يملكان ذلك البيت المنسوج من صوف الحيوانات، وناقة يقضيان بها حاجاتهما في النقل والتنقل ويشربان لبنها.
ما كادا يصلان البيت الا والتقاهما الاعرابي مرحبا ومهللا بالضيفين وهو لا يعرف من هما بل لم يعرف بأن أحدهما هو ملك كل هذه البلاد. وكعادة العرب في إكرام الضيف قام بواجبهما بما كان يستطيع، ذبح الناقة بينما هو لا يملك غيرها، وقدمها طعاما للضيفين من باب الاحترام وواجب الضيافة.
همس الوزير للملك: لقد ذبح الرجل ناقته مع أنه لا يملك غيرها، ما رأي مولانا ان نضع له مبلغا من المال تحت الفراش قبل ان نتركه لأجل ان يشتري ناقة بدلا من التي قدمها لنا طعاما؟ إستحسن الملك فكرة الوزير، وبدون ان يعلم الاعرابي قام بدس كيس من النقود تحت الفراش، واستأذن الضيفان وانصرفا.
قامت زوجة الاعرابي ودخلت المكان اين كان يجلس الضيفان لأجل تنظيفه. قامت بطي الفراش فاذا بها تجد كيس النقود، نادت زوجها واخبرته فما كان من الاعرابي الا أن قام في اليوم التالي، اخذ كيس المال، وراح يسأل بين العربان عن الضيفين. وحينما أعطى أوصافهما لمن التقى بهم من الناس، قالوا له ان ضيفاه كانا الملك ووزيره، إهتم اكثر ودفعته النخوة والامانة ان يوصل الامانة لاصحابها.
ذهب الى قصر الملك واستأذن بالدخول، فوجده جالسا والوزير بصحبته. قدم كيس النقود الى الملك فما كان من الملك الا ان انكر انه له، ولم يجد الاعرابي بدا الا ان يعود الى زوجته ومعه كيس النقود.
وفعلا عاد الى زوجته وأخبرها بان الضيفين انكرا ان كيس النقود لهما، فقالت له لقد عوضنا الله عن الناقة، وهذا رزق من الله، إذهب الى السوق واشترى ناقة وخيمة كبيرة عسى ان يوسع الله علينا. وفعلا اشترى الاعرابي ناقة وخيمة وراح ينصب الخيمة والزوجة تساعده. وبينما هو يقوم بالحفر لتثبيت عامود الخيمة اذا بفأسه يصطدم بشيء غريب. راح يتفحص المكان فاذا به يجد صندوقا مدفونا. أخرج الاعرابي الصندوق من تحت التراب ثم قام بفتحه فوجده مملوءا بجنيهات الذهب.
أراد أن يعز الاعرابي نفسه فالجود من الموجود، وان الله يحب ان يرى نعمته على عبده. بنى قصرا كبيرا لم تشهد المنطقة مثله، وراح يبني بيوتا للفقراء حول القصر وقريبا منه. مر وقت فاذا بالمنطقة حول القصر قد عمِّرت وكثرت البيوت فيها واصبحت مدينة كبيرة، فتحت فيها الاسواق واجتمعت فيها مصالح الناس وكثر الحرفيون والخدمات وراجت التجارة، وذاع صيتها في طول البلاد وعرضها.
ما كاد الوزير يعلم بأمر تلك المدينة حتى ذهب مسرعا الى قصر الملك وأعلمه بما سمع عن المدينة الجديدة، واقترح عليه القيام بزيارتها. قام الملك والوزير بعمل زيارة خاطفة للمدينة وهما متخفيان، فأعجبا بما شاهدا من رواج وحركة في المدينة. سألا عن وجيه القوم فيها حتى وصلا الى قصر الاعرابي ونزلا عنده. عرفا انه الاعرابي الذي ذبح لهما ناقته منذ عشر سنوات وتركا له كيسا من النقود تحت الفراش.
تسائل الوزير من اين للاعرابي ان يشتري قصرا كهذا وقد كان شبه معدما؟ ما كان منه الا أن أشار على الملك، بأن يقطع رأس الاعرابي، لأنه لو بقي حيا قد يُشكل قوة ويقاتله ويصبح ملكا على البلاد.
وافق الملك وطلب من الوزير بعدما يعودا لقصر الملك، عليه ان يضع خطة منطقية محكمة يقبلها الناس عند التنفيذ حينما يشرع في جز رقبة الاعرابي بالسيف. قال الوزير الخطة سهلة يا مولاي، وستكون قصيرة حتى لا تحدث بلبلة بين الناس وتحدث الاشاعات والشكوك والظنون عن سبب قتل الاعرابي.
الخطة يا مولاين هي، أن نطرح على الاعرابي السؤال التالي:
ما معنى: هَوْ ... هَوْ ... هَوْ ... ؟
فلا يجد الا ان يجيب عليه بالقول: انه الكلب. وبذلك تكون نهايته ونقوم بقطع رأسه، ويصبح قصره ملكك يا ملك الزمان.
أعجب الملك بذكاء الوزير وبالخطة التي وضعها. تم استدعاء الاعرابي بحضور حاشية الملك ووجهاء البلاد، واصبح الجميع متحفزون لانتظار النتيجة. قال الملك سائلا الأعرابي: ما معنى : هَوْ ... هَوْ ... هَوْ ... ؟ أجاب
الأعرابي:
هَوْ ... الأولى "سبحان من طيّر الطيرَ بالجو".
هَوْ ... الثانية، "سبحان من أمشَى الأعمى من غير ضَو".
هَوْ ... الثالثة (وأشار بيده نحو الوزير)، "سبحان من يقضي بعدله على كل من كان محضر سَو".
لم يُضع الملك لحظة، إستل سيفه وهوى به على عنق الوزير فأطارها عن الجسد، وعمل على تعيين الاعرابي الكريم الفطن وزيرا له