المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثقافه شرعيه وقانونية


خلف الشبلي
08-16-2019, 11:38 PM
.حقا الولاية والحضانة
وفيه مسائل:
ـ الولاية: (حق، يقتضي أولوية الأب أو الجد للأب أو من يقوم مقامهما، برعاية القاصر لصباً أو جنون أو سفه في العديد من أموره، حتى يبلغ درجة الأهلية)، وهي التي ذكرنا تفاصيلها في مباحث المدخل من الجزء الثاني من هذا الكتاب (فقه الشريعة)، والتي يظهر لمن يراجعها عناية الشريعة بكفالة القاصر وتعيين من يرعاه ويتولى تدبير شؤونه في صحته النفسية والجسدية وفي شتى أموره الدينية والدنيوية، وذلك حتى يبلغ عاقلاً رشيداً، وإلا استمرت ولايتهما عليه ما دام غير كامل العقل بالخلو من الجنون والسفه. وهذه الولاية الشاملة حق واجب للولد على أبيه أو جده لأبيه، لمكان تولده منهما وعيشه بينهما ولزوم قيامهما بمقتضيات حفظه التي لا تقف عند حدود طعامه ولباسه وسكنه، بل تشمل لزوم العناية به بشتى احتياجاته.
أما «الحَضانة» فهي في المصطلح الفقهي: (حق، يقتضي أولوية شخص بعينه، بأن يتواجد الولد عنده ويكون معه وفي «حضنه»، ليدبره في أموره العادية، من طعامه ولباسه ونومه ودفع الأذى عنه، ونحو ذلك من الأمور التي ترجع إلى «شخصه» بخاصة)، وهي نفسها بعض الأمور التي يتولاها الولي بحكم إشرافه على «جميـع» شـؤون الولـد، والتـي تتميـز بكونهـا ـ غالبـاً ـ في مرحلة الطفولة الأولى التي يحتاج الولد فيها إلى «حضن» يسكن فيه ويطمئن له. إن حق الحضانة هذا قد أعطته الشريعة للأم بكيفية خاصة، ربما لأنها أليق وأجدر بكفالة الولد ورعايته في فترة خاصة، هي مدة رضاعه وفترة صباه الأولى، في حين يبقى الولد في الدائرة العامة لولاية الولي خلال مدة الحضانة بتمامها، وبنحو لا يتعارض مع حق الأم في حضانته؛ كما أن الشريعة ميزت حق الحضانة عن حق الولاية، إذ إنه في بعض الموارد التي ستأتي تعطى الأم حق الحضانة لفترة أطول بسبب اختلال بعض الشروط المعتبرة في الحاضن رغم كونه ولياً، كما سيأتي. إن جميع ما يتعلق بالولاية قد بحثناه سابقاً في الجزء الثاني من فقه الشريعة في ص: 24، وما بعدها، فيما لا بد من تفصيل الأحكام المتعلقة بالحضانة ـ كحقٍ للولد على أبويه ـ في المسائل التالية، بما في ذلك ما يمكن أن يتقاطع منها مع حق الولاية.
ـ حيث يعيش الوالد والوالدة معاً في مسكن واحد فلا غرو أن الولد سيكون معهما وفي رعايتهما دون إشكال فيه، وأما حيث يفترقان بطلاق أو فسخ، مع اجتماع شروط الحضانة الآتية فيهما فإن الولد الذي لم يبلغ السنة السابعة هلالية يبقى مع والدته وفي حضانتها حتى يتم السنة السابعة من عمره على الأقرب، تسكنه حيث تسكن، وترعاه في أموره العادية التي ذكرناها في المسألة السابقة، دون أن ينازعها الوالد ـ ولا غيره ـ فيه من هذه الجهة، ذكراً كان الولد أو أنثى، ما لم تتزوج. فإنْ انقضت هذه المدة، أو تزوجت الأم خلالها، صارت الحضانة للوالد، وحينئذ يجوز له فصل الولد عن أمه أو إبقاؤه معها.

هذا إذا افترق الوالدان بطلاق أو فسخ خلال فترة السنوات السبع من عمر الولد، أي: خلال فترة الحضانة التي هي حق الأم، أما إذا حدث الفراق بموت الزوج خلال هذه الفترة ـ أو بعدها وبعد انتقال الحضانـة إلى الوالد ـ فإن الأم حينئذ أحق بحضانة الولد إلى أن يبلغ رشيداً، من وصي أبيه ومن جده أو جدته لأبيه أو غيرهما من أقاربه، سواءً تزوجت الأم بعد ذلك أو بقيت دون زواج؛ كذلك فإن الوالد أحق بالولد من سائر أقارب الأم ـ فضلاً عن وصيها ـ إذا ماتت الأم خلال فترة أحقيتها بالحضانة؛ وأما إذا ماتت الأم بعد موت الأب وبعد استقلالها بحضانة الولد فالحضانة لجد الولد لأبيه، فإن فقد فالحضانة لوصي الأب أو الجد للأب، فإن وجد الوصيان وتراضيا على أحدهما كان خيراً، وإن تنازعا أقرع بينهما؛ فإن فقد الوصيان، كانت الحضانة لسائر أقرباء الولد يترتبون في الأولوية حسب مراتبهم في الميراث، ومع التعدد والتساوي في المرتبة والتنازع على حضانته يقرع بينهم.
ـ يعتبر في من تكون له الحضانة من الأبوين وغيرهما توفر أمور:
الأول: العقل، فلا حضانة للمجنون خلال فترة جنونه.
الثاني: أن يكون مأموناً على القيام بشؤون الحضانة بالنحو الذي يحقق السلامة للولد في نفسه وفي جسده وفي دينه.
الثالث: أن يكون الحاضن مسلماً إذا كان الولد مسلماً، فإن كان أحد الأبوين مسلماً دون الآخر ألحق الولد بالمسلـم، وكانت الحضانـة لـه ـ مطلقـاً ـ دون الكافر، وكذا حكم الولد المحكوم بإسلامه في صورة ما لو كانت الحضانة لأحد أقربائه بعد فقد الأبوين.
الرابع: أن تكون الأم خلال مدة استقلالها بالحضانة ـ بعد طلاقها وحياة زوجها ـ غير متزوجة، فإن تزوجت سقط حقها في حضانته.
فإذا فقدت الأم شيئاً من هذه الصفات خلال فترة ثبوت حق الحضانة لها سقط حقها فيها، وانتقلت الحضانة إلى من بعدها حسب أولويته؛ وكذا لو فقدها الأب أو الجد للأب، فإن حقهما بالحضانة يسقط وينتقل إلى الأولى بها بعدهما، وذلك من دون أن تسقط ولايتهما على الولد فيما هما وليان عليه إن بقيت أهليتهما للولاية، ومثال ذلك ما لو سقطت حضانة الجد للأب لعدم كونه مأموناً على الولد بسبب كبر سنه وعجزه عن القيام بشؤونه، فإنه مع بقاء أهليته للولاية بالعقل والإسلام يبقى ولياً عليه رغم عدم حضانته له.
ـ لا يعتبر لثبوت الحضانة للأم كونها هي التي ترضعه، فلو لم تكن قادرة على إرضاعه، أو كانت قادرة فطلبت أجرة مع تبرع غيرها به، فاسترضع الوالد غيرها، بقي حقها في الحضانة كما لو كانت هي التي ترضعه، وذلك لعدم المنافاة بين ارتضاعه من امرأة وبين حضانة امرأة أخرى له إذا أمكن حمله إلى المرضعة أو احضار المرضعة عنده، فإن لم يمكن ذلك ـ لتباعد الأماكن أو حيلولة الموانع ـ قُدِّم ما يقتضيه الإرتضاع بمقدار الضرورة، وبقي حقُّ الأم في الحضانة قائماً، وكان لها العمل به بعد زوال المانع.
ـ إذا فقد الحاضن شيئاً من شروط الأهلية المعتبرة فيه، وسقط حقه في الحضانة، ثم وَجَدَ ما فَقَدَ وتَمَّتْ فيه الشروطُ، عادَ حقُّه فيها، وذلك كالأم المطلقة إذا تزوجت ثم فارقت زوجها الثاني وعادت خليَّة خلال السنين السبعة من عمر الولد؛ أو: كالأب يعرض عليه الجنون ثم يعقل بعد ذلك، أو يرتد ثم يتوب، أو نحو ذلك من الموانع الموجبة لسقوط حق الحضانة.
ـ لا يجب على من له حق الحضانة مباشرة الحضانة بنفسه، بل يجوز له إيكالها إلى غيره مع وثوقه بقيامه بها على الوجه المطلوب.
ـ الحضانة كما هي حق للوالدين أو غيرهما بالنحو الذي ذكرناه، فإنها حق للولد عليهم، فإذا امتنعوا عنها أجبروا عليها؛ غير أنه يحق لغير الولي ممن له حق الحضانة، كالأم وأبيها وأمها ونحوهم من أقارب الولد ـ ما عدا وليه، وهو أبوه وجده لأبيه ـ أن يأخذ أجرة على الحضانة من مال الولد إن كان له مال ولم يكن ثمة متبرع بها، فإن لم يكن له مال بَذَلَ الأجرة وليُّه من ماله، فإن لم يكن له ولي وجب على الأم ونحوها ممن تجب نفقته عليه حَضانَتُه مجاناً أو بذل الأجرة لمن يحضنه إن كان الحاضن غيرها؛ فإن وُجد متبرع سقط حق الحضانة عن طالب الأجرة، بل وكذا يسقط مع طلبه أجرة أزيد من غيره.

ـ حق الحضانة من الحقوق التي تقبل الإسقاط، فيسوغ لمن له الحق أن يتنازل عنه لغيره ممن يليه في سلسلة مراتب الأولوية من أقارب الطفل إذا كان جامعاً للشروط، دون الأجنبي، بعوضٍ كان تنازله عنه أو بدون عوض، فإذا قبل الآخرُ ثبت الحق له دون المتنازِل عنه، ولم يكن له الرجوع عنه، وإذا رجع عنه لم يرجع إليه؛ فإن كان الذي تنازل له غير جامع للشروط، أو كان ثمة من هو أولى منه، لم يصح التنازل ولم يسقط عنه الحق.

ـ حق الحضانة يقتضي سكن الولد مع من له حق حضانته، فلو كانت الحضانة للأم ساغ لها أن تسكنه حيث تسكن، وليس لوليه أن يلزمها بالسكن في موضع معين، ولو فرض عدم وجود مسكن للأم الحاضنة بعد طلاقها أو ترملها فليس لها أن تطالب الولي بتأمين مسكن لها لتحضن فيه ولدها، سواءً من ماله أو من مال الولد، ويكفي في مسكن الأم أن يكون لائقاً بها ولو بتبرع الغير به أو بسكنها مع زوجها إذا تزوجت بعد ترملها، أو نحو ذلك، فإن فقدت المسكن، أو وجدته ولكن لم يكن لائقاً ولا مناسباً لطفلها، بحيث لم تعد مأمونة على الولد، سقط حقها في حضانته حتى تجد المسكن المناسب.
هذا، وكما لا يسوغ للولي أن يتدخل في سكن الطفل ولا في غيره من شؤون حضانته في إطار ما هو عمل الحاضن ووظيفته التي ذكرناها، وذلك في كل مورد يكون الحاضن فيه غير الولي، فإنه لا يسوغ ـ أيضاً ـ أن يقوم الحاضن بشيء من أعمال الولي، من قبيل حفظ أمواله واستثمارها، وشؤون تأديبه وتوجيهه، ونحو ذلك مما هو من صلاحيات الولي؛ وعلى كل حال، فإنه ينبغي أن يتفاهم الولي مع من له حق الحضانة ـ وهو الأم غالبـاً ـ على كيفية القيام بشؤون الولد، وأن ينسقا العمل بينهما في الإتجاه الذي يحفظ حق كل منهما ويحقق مصلحة الولد.

ـ لا يقتضي حق الحضانة كون نفقة الولد خلال مدة حضانته على الحاضن إذا لم يكن هو الذي تجب نفقته عليه، فقد يكون الحاضن هو المنفق وقد يكون غيره، وتفصيل ذلك سيأتي في مبحث آخر. (أنظر المسألة: 838).

ـ إذا حُرم من له حق الحضانة من حضانة الولد في تمام المدة أو بعضها ـ ولو عدواناً ـ لم يكن على من حَرمَه تدارُك ما فات من حقه بقيمة أو نحوها.
ـ تنتهي الحضانة ببلوغ الولد رشيداً، فإذا بلغ رشيداً لم يكن لأحد حق الحضانة عليه، حتى الأبوين فضلاً عن غيرهما، بل يملك أمر نفسه ويتخير في الانضمام إلى من شاء منهما أو من غيرهما، سواءً في ذلك الذكر أو الأنثى؛ نعم إذا كان انفصاله عنهما موجباً لعيشه في حالةٍ مخالفةٍ لمقتضيات السعادة والعيش الطبيعي، بحيث تستدعي إشفاق الوالدين على ولدهما منها، فأمراه بالعيش معهما إشفاقاً عليه، وجب عليه طاعتهما في ذلك براً بهما ودفعاً لتأذيهما.

خلف الشبلي
08-17-2019, 12:41 AM
نظرة الإسلام للمال
ينظر الإسلام للمال على أنه قوام الحياة، به تنتظم معايش الناس، ويتبادلون على أساسه تجاراتهم ومنتجاتهم، ويقوّمون على أساسه ما يحتاجون إليه من أعمال ومنافع.

ولقد أخبر الله - تعالى - بأنه أحد الأمرين اللذين هما زينة الحياة الدنيا في قوله - تعالى -: ï´؟ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ï´¾ [الكهف: 46].

وينظر الإسلام للمال على أن حبه والرغبة في اقتنائه دافع من الدوافع الفطرية التي تولد مع الإنسان وتنمو معه ï´؟وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّاï´¾ [الفجر: 20]، وقال - جل شأنه -: ï´؟ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ï´¾ [العاديات: 8].

فالإسلام ينظر إلى الإنسان نظرة طبعية تساير فطرته وطبيعته، وتقر خصائصه التي يتميز بها عن الكائنات الأخرى الموجودة في محيط الحياة الأرضية التي يعيشها، وكلف بالقيادة فيها.

كما يرى أن أقوى الغرائز فيه غريزتا "النسل والاقتناء"؛ إذ عليهما يقوم بقاء الإنسان في شخصه ونوعه.

وغريزة التملك والاقتناء هي تلك الغريزة التي تدفع الإنسان إلى المال بالسعي إليه وتحصيله، وتنميته وادخاره [1].

وإذا نحن نقرأ قول الله - تعالى -: ï´؟ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ï´¾ [آل عمران: 14]، نرى أن الإسلام يقر وجود هاتين الغريزتين في الإنسان.

والمال في حقيقة أمره ليس ملكاً خالصاً لمالكه، وإنما هو ملك لله، قال - تعالى -: ï´؟ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ï´¾ [النور: 33].

ويد المالك يد وديعة، استودعها الله إياه، قال - تعالى -: ï´؟ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ï´¾ [الحديد: 7].

وعلى الإنسان أن يضعه مواضعه، وينفقه في الوجوه التي شرعها الله، فيأخذ منه ضروراته وحاجاته، ويوزع الفضل منه على من هم أحق به من الضعفاء والعجزة والمساكين.

المال فتنة واختبار:
فالمال فتنة، وإنفاق المال في وجوهه المشروعة نجاح في الاختبار، إذ إن المال المودع لدى المالك فتنة، قال - تعالى -: ï´؟ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ï´¾ [الأنفال: 28]، أي اختبار وامتحان.

وسيحاسب الناس عن المال من أين وكيف اكتسبوه؟ وفيم انفقوه؟ قال - تعالى -: ï´؟ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ï´¾ [التكاثر: 8]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أن اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه)) رواه البزار والطبراني بإسناد صحيح واللفظ له، وروى الترمذي قريبًا منه بإسناد حسن صحيح[2].

2- خصائص النظام المالي في الإسلام ومميزاته:
1- النظام المالي، أو الاقتصاد الإسلامي: جزء من النظام الإسلامي الشامل للحياة؛ لذا ينبغي أن يدرس ويطبق في إطار عقيدة الإسلام وشريعته، فلو وضع هذا النظام في بيئة غريبة عن الإسلام فإن كثيرًا من جوانبه لا يمكن تطبيقها، كما أن التقصير في تطبيق جوانب أخرى من الإسلام في الحياة تؤثر على سلامة تطبيق النظام المالي الإسلامي.

2- النشاط المالي في الإسلام له طابع تعبدي في المكسب، وفي الإنفاق على السواء: حيث يرغب المؤمن في الثواب ويحذر من العقاب، فيحرص على كسب الحلال وصرف ما يكسبه في الأوجه الشرعية دون إسراف ولا تقتير.

3- النشاط الاقتصادي في الإسلام له طابع أخلاقي.

4- المال في الإسلام وسيلة لا غاية، فهو وسيلة إلى مرضاة الله -عز وجل- وليس هو غاية في حد ذاته.

5- إن المال مال الله والإنسان متصرف فيه، وعلى المتصرف أن يسير حسب رضا المالك ï´؟ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ï´¾ [النور: 33].

6- الرقابة على ممارسة النشاط الاقتصادي للمسلم هي رقابة ذاتية في المقام الأول لأنه يعلم أن الله ï´؟ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ï´¾ [غافر: 19]، والواقع يشهد على أن الأمر لا يستقيم إلا بالرقابة الذاتية.

7- يهدف النظام المالي إلى تحقيق مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، فلا ينحاز إلى مصلحة الفرد على حساب الجماعة، ولا إلى مصلحة الجماعة على حساب الفرد؛ بل يحفظ حقوق الجميع بلا انحياز ولا إفراط ولا تفريط.

8- يهدف الاقتصاد الإسلامي إلى تلبية مهمة الاستخلاف في الأرض وفق شرع الله ï´؟ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ï´¾ [الحديد: 7].

9- النظام المالي يرمي إلى التوظيف المشروع للطاقات البشرية ï´؟ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ï´¾ [الملك: 15].

10- ويرمي الاقتصاد الإسلامي إلى تحقيق التكافل الحقيقي للمجتمع وضمان العيش الكريم وتوفير الرزق الحلال لجميع أفراد الأمة.

11- كما أن الاقتصاد الإسلامي نظام إنساني يعتبر مصلحة غير المسلم أيضًا في طموحاته ويؤمن لهم حقوقهم.

خلف الشبلي
08-17-2019, 12:45 AM
3- تعريف المال:
في اللغة: هو كل ما يقتنى ويملك من كل شيء سواء كان عينًا أو منفعة[3]، فكل ما يستولي عليه الإنسان فعلاً ويملكه من ذهب أو فضة أو حيوان أو نبات يسمى مالاً، أما ما لا يحوزه الإنسان ولا يملكه كالطير في الهواء والصيد في الصحراء والسمك في الماء والمعدن في جوف الأرض فلا يسمى مالاً في اللغة.

أما في الاصطلاح الفقهي: فلقد اختلف العلماء في تحديد معناه على رأيين:
أ- فقد عرفه الجمهور بأنه: كل ما له قيمة يلزم متلفه بضمانه[4]، فيدخل فيه الأموال العينية والحقوق والمنافع لإمكان حيازتها بحيازة أصلها.

ب- وعرفه الحنفية بقولهم: هو كل ما يمكن حيازته وإحرازه وينتفع به عادة[5]، فكل ما لا يمكن الانتفاع به كلحم الميتة وما لا يمكن إحرازه من الأمور المعنوية والحقوق والمنافع مثل العلم والسكن - فلا يسمى مالاً عندهم؛ لأنهم حصروا المال في الأشياء المادية التي لها مادة وجرم محسوس.

ثمرة الخلاف: يترتب على هذا الخلاف بعض النتائج أو الثمرات في الغصب والميراث والإجارة.

• فمن غصب شيئًا وانتفع به مدة ثم رده إلى صاحبه فإنه يضمن قيمة المنفعة عند الجمهور، ولا يضمنها عند الحنفية إلا إذا كان المغصوب موقوفًا أو مملوكًا ليتيم أو معدًّا للاستغلال والاستثمار كعقار معد للإيجار كمطعم أو دكان.

• الإجارة تنتهي بموت المستأجر عند الحنفية؛ لأن الإجارة (المنفعة) ليست مالاً عندهم حتى تورث، وعند الجمهور تظل الإجارة باقية حتى تنتهي مدتها.

4- الحقوق والمنافع[6]:
لا خلاف في أن الأشياء المادية التي يمكن إحرازها والانتفاع بها تعتبر مالاً على النحو الذي ذكرناه قريبًا.

لكن الحقوق مثل حق الشرب وحق الحضانة، والمنافع مثل سكنى الدار واستعمال السيارة ولبس الثياب، فبناءً على تعريف المال الذي سبق ذكره والخلاف فيه فإن الجمهور يرون بأن الحقوق والمنافع أموال، وهي ليست مالاً عند الحنفية.

واستدل الأحناف بقولهم: إن المال ما يمكن إحرازه وحيازته وادخاره لوقت الحاجة والمنافع لا تقبل الحيازة والادخار لأنها معنوية وهي تحدث آنًا بعد آن، وهي قبل أن تحدث معدومة والمعدوم ليس بمال.

واستدل الجمهور بقولهم: إن حيازة المنافع ممكنة وذلك بحيازة أصلها ومحلها ومصدرها، ولأن المنافع هي المقصودة من الأعيان ولولاها لما صارت الأعيان أموالاً.

والشارع الحكيم أجاز أن تكون المنافع مهرًا، والمهر لا يكون إلا مالاً بدليل قوله - تعالى -: ï´؟ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ï´¾ [النساء: 24]، فالمنافع إذن من الأموال.

والراجح قول الجمهور لقوة أدلتهم ولجريان العرف بذلك.

5- تقسيمات المال[7]:
يُقسم المال إلى عدة تقسيمات يترتب عليها أحكام مختلفة بحسب كل قسم، وسوف نذكر أهم تقسيمات المال وما يترتب على كل قسم من فوائد وآثار.

أولاً: المال المتقوم وغير المتقوم: (باعتبار إباحة الانتفاع وحرمته):
المال المتقوم: هو ما كان في حيازة الإنسان وأباح الشرع الانتفاع به، كالدور والسيارات والمطعومات والثياب والكتب وغيرها.

وغير المتقوم: هو ما لم يحرز بالفعل كالطير في السماء والمعادن في الأرض، أو ما لا يباح الانتفاع به شرعًا مثل الخمر والخنزير بالنسبة للمسلم.

فوائد وآثار هذا التقسيم:
1- إن المال المتقوم هو الذي يصح التعاقد عليه، وتجوز التصرفات فيه من بيع وهبة وإجارة وإعارة ووصية وشركة ونحوها.

أما غير المتقوم فلا يصح فيه شيء من تلك التصرفات، فلو باع مسلم خمرًا لم يصح البيع، ولكن لو باعها ذمي من ذمي صح البيع لتقوُّم الخمر في حقهما.

2- من أتلف مالاً متقومًا لغيره وجب عليه ضمان مثله إن كان مثليًّا، وقيمته إن كان قيميًّا؛ لأن الشارع منحه حماية وحرمة.

أما غير المتقوم فلا يضمن بالإتلاف، فلو أراق أحد خمرًا لمسلم فلا ضمان عليه؛ لأن الخمر غير متقومة في حق المسلم.

ثانيًا: العقار والمنقول (باعتبار استقراره في محله وعدم استقراره):
العقار: هو ما لا يمكن نقله بحال من الأحوال: كالدور والأراضي.

والمنقول: ما يمكن نقله وتحويله من مكان إلى مكان سواء تغيرت هيئته عند النقل أم لم تتغير: مثل العروض التجارية وأنواع الحيوان والمكيلات والموزونات ونحوها.

وعند المالكية المنقول ما أمكن نقله مع بقاء هيئته، وصورته دون تغيير: كالملابس والسيارات. والعقار عندهم ما لا يمكن نقله وتحويله أصلاً كالأرض.

فوائد هذا التقسيم:
1- الشفعة تجري في العقار دون المنقول إلا عند بعض الفقهاء.

2- حقوق الجوار والارتفاق تتعلق بالعقار دون المنقول.

3- عند بيع أموال المدين وفاء لدينه يبدأ بالمنقول أولاً فإن لم يف بيع عقاره.

4- يجوز للوصي أن يبيع للصغار ما يملكون من منقول حسب ما يراه من وجود المصلحة وليس له أن يبيع عقارهم إلا بمسوغ شرعي كزيادة نفقاته على غلاته مثلاً.

5- لا يتصور غصب العقار (عند أبي حنيفة وأبي يوسف)، وأما المنقول فيتصور غصبه باتفاق الفقهاء.

6- يجوز عند أبي حنيفة وأبي يوسف، خلافًا لجمهور العلماء، بيع العقار قبل قبضه من المشتري، أما المنقول فلا يجوز بيعه قبل القبض أو التسليم؛ لأن المنقول عرضة للهلاك أكثر من العقار.

ثالثًا: المثلي والقيمي: (باعتبار تماثل آحاده وأجزائه وعدم تماثلها):
المال المثلي: هو ما له نظير ومثل في الأسواق من غير تفاوت بين أجزائه أو آحاده يعتد به في التعامل.

والأموال المثلية أربعة أنواع:
1- المكيلات: يعني ما تقدر بالكيل، كالقمح والشعير والزيوت...
2- الموزونات: والتي تقدر بالوزن، مثل الذهب والحديد...
3- العدديات المتقاربة في الحجم: مثل البيض والجوز والبرتقال...
4- الذرعيات: والتي تُباع بالذراع أو المتر ونحوها، مثل الأقمشة...

وأما المال القيمي: هو ما لا مثل له في الأسواق أو له نظير ولكن بتفاوت كبير لا يتسامح به عادة، كالدور والحيوانات والأحجار الكريمة...

ملاحظة: قد ينقلب المثلي قيميًّا وبالعكس، مثل ما إذا انقطع وجود المثلي من الأسواق انقلب قيميًّا، وإذا كان المال نادر الوجود في السوق ثم أصبح كثير الوجود صار مثليًّا بعد أن كان له قيمة خاصة.

آثار وفوائد التقسيم:
1- المثلي يثبت دينًا في الذمة، وذلك بأن يكون ثمنًا في البيع عن طريق تعيين جنسه وصفته، بخلاف القيمي فإنه لا يثبت دينًا في الذمة.

2- الضمان في إتلاف المثلي يكون بمثله، وفي القيمي يكون بقيمته، فمن أتلف كمية من السكر وجب عليه ضمان مثله، أما القيمي فيضمن المتعدي قيمته لأنه تعذر إيجاد مثله صورة.

3- تدخل القسمة جبرًا في المال المثلي المشترك، أما القيمي فلا تدخل فيه القسمة الجبرية.

رابعًا: المال الاستهلاكي والاستعمالي: (باعتبار بقاء عينه بالاستهلاك وعدمها):
المال الاستهلاكي: هو الذي لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاك عينه، كأنواع الطعام والشراب والحطب والنفط والورق والنقود، فلا يمكن الانتفاع بهذه الأموال ما عدا النقود إلا باستئصال عينها، وأما النقود فاستهلاكها يكون بخروجها من يد مالكها، وإن كانت أعيانها باقية بالفعل.

والمال الاستعمالي: هو ما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، كالعقارات والمفروشات والثياب والكتب ونحوها.

وينظر إلى الانتفاع المميز بين النوعين لأول مرة، لا إلى حالات الاستعمال المتكررة، فإن زالت عين الشيء من أول انتفاع كان مالاً استهلاكيًّا، وإن بقيت عينه حينئذ كان مالاً استعماليًّا.

وتظهر فائدة التقسيم فيما يأتي:
يقبل كل نوع من هذين المالين نوعًا معينًا من العقود، فالمال الاستهلاكي يقبل العقود التي غرضها الاستهلاك لا الاستعمال كالقرض وإعارة الطعام.

والمال الاستعمالي يقبل العقود التي هدفها الاستعمال دون الاستهلاك كالإجارة والإعارة.

فإن لم يكن الغرض من العقد هو الاستعمال وحده أو الاستهلاك وحده، صح أن يرد العقد على كلا النوعين: الاستعمالي والاستهلاكي كالبيع والإيداع، فيصح ورودهما على كل من النوعين على السواء.

ابوصفاءالدليمي
08-17-2019, 08:55 AM
بارك الله بك اخي الكريم

على هذا التوضيح القيم
والتنظير

لأمورنا الشرعية والقانونية

احسنت واحسن الله اليك
وطيب انفاسك

ملك الغرام
08-17-2019, 11:12 AM
طرح بقمة الذوووق والرووعه..
تسلم أيدك ع الطرح المميز لاعدمنـآك ,...
بانتظارجديدك بكل شوق
ودي وشذى الورد.

خلف الشبلي
08-17-2019, 10:04 PM
اشكركما يااخواني شكرا يليق بمقامكما الكريم وانقل اليكما مشاعر الود والرغبة في نفسي لكما وهدفي ان تتطلعوا على القانون الشرعي في وطننا العزيز

لكما ودي ومحبتي

المتر

الملكة شهر زاد
08-17-2019, 10:14 PM
يعطيك العافية على روعة الطرح

والفائدة دمت بهذا العطاء

لروحك انفاس الورد

خلف الشبلي
08-17-2019, 10:15 PM
«العدل» للمحامين: التدريب في مكتب لا يكفي.. 100 ساعة شرط للرخصة - أخبار السعودية | صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/article/1628936

خلف الشبلي
08-17-2019, 10:21 PM
يعطيك العافية على روعة الطرح
والفائدة دمت بهذا العطاء
لروحك انفاس الورد

شكرا لحضورك ولكلماتك العذبة
وخدمة المنتدى مفروضه علينا
نسعى لكل عمل ترضون عنه

لك تحياتي ومحبتي

العبوق
08-22-2019, 08:34 AM
طرح بقمة الذوووق والرووعه..
تسلم أيدك ع الطرح المميز لاعدمنـآك

العبوق
08-22-2019, 08:34 AM
تسلم أيدك ع الطرح المميز لاعدمنـآك