اثير حلم
09-20-2019, 05:55 PM
https://2.top4top.net/p_1358t4pvz1.jpg
نزال
بقلم - أثير حلم
20-أيلول-19
عندما يبدأ الاستعداد للنزال بين الخصوم أو الأعداء، يتهيأ كل خصم في حسم المعركة لصالحه. لكن قد يبدأ أحد الخصوم منذ الوهلة الأولى ، بهجوم خفي، متقطع، متكرر، لأنه يدرك تماما حدود قدراته، أو ضعفه، أمام خصمه. ومع ذلك يستغل الوقت والظرف، يأخذ الأمر بجدية واهتمام أكثر, ويعمل ويحاول عدة مرات، في إنهاك واستنزاف لطاقات وقدرات الخصم، حتى ينهكه، لينقض عليه آخرا، بضربة خاطفه في بداية إعلان وقت النزال. كل تلك المحاولات كانت مجرد مناورة، وهو يقر في كل محاولة فعلا أنه لم يبدأ معركته الحقيقية مع الخصم، مع أن الواقع يبين، و تشير الدلائل على أنه قد بدأ فعلا بنفسه النزال، و أن الخصم النظير في غفلةٍ قد تلقى عمليا ضربات مؤلمة.
غالبا هذا ما يحدث وقت النزال في حلبة المصارعة أو الملاكمة. فالخصم قليل الخبرة، إذا أؤتي الذكاء، يستغل الوقت و يحسب المواقف والشواهد والدلائل ويراجع بدقة شديدة قدرات وإمكانات الخصم النظير، وهو في مرحلة التهيئة والتدريب والاستعداد قبل أن يبدأ النزال الحقيقي أمام الخصم النظير.
ما من أحدٍ إلا ويعرف حيوان" غرير العسل" ومن الأسماء أيضا التي تطلق عليه " أبو كعب " أو بلطجي الغابة. لكنني حقيقة لا أعلم لماذا سمي بالاسمين الأخيرين، أما بالنسبة لاسمه الأول فلئن ذلك الحيوان ذو القلب الجسور، يظل أياما يبحث في الغابة عن مناحل العسل، فيداهمها ، ورغم ذلك يتلقى لسعات مؤلمة من النحل الذي يهاجمه، ومع ذلك لا يبالِ بلسعات النحل، في سبيل أن يلتهم كل ما في خدور النحل من عسل، فلا يبقي على شيء ولا يذر، قبل أن ينصرف ويتتبع مناجم النحول الأخر في مناطق أخرى.
جرم هذا الحيوان الشرس لا يتعد حجم أذن فيل، لكنه ذو قلب جسور، وحنكة وفطنة وذكاء . ومع كل ذلك يشكل رعباً وهاجسا مخيفا الغابة فتخشاه طائفة الأسود والنمور ، فلا تقدر على المواجهة، ومما من شك أن ضربة واحدة من قبضة يد أسدٍ أو نمر كفيلةٍ بالقضاء عليهِ. إن تسنى لها الأمر حين المواجهة، إلا إن دّب الغابة هو الكائن الوحيد فحسب الذي يستطيع مواجهته، لربما لأنهما يشتركان في ذاتِ الخواص السلوكية والدينامية نوعا ما، بينما الفارق الجسدي بينهما فارقٌ كبير. ورغم ذلك لا يحبذ مواجهته، فيترك كثيرا منذ البداية ميدان المعركة سريعا تجنبا للمعاناة وللأذى الجسدي، ويرجع السبب في خشيةِ السباع من مواجهته، لأمر بسيط جدا، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة إليه. فهو يقوم بتلغيم منطقة أرض النزال، التي يريد أن يوقع فيها خصمه من السباع، بعشراتِ الحفر والخنادق المتصلة تحت الأرض ويستدرج الخصم الى هاته المنطقة، فيختبئ في كل مرة في جحر، ويخرج من أخر ويتقفى خصمه من الخلف فيضربه أو يطعنه في ظهره بمخالب تشبه حد الخناجر وطولها ، تلك الجروح الغائرة، تكسر بأس وسطوة خصمه، وتحطم ذاته ومعنوياته، بدرجة كبيرة وتصيبه بخيبة أمل وإحباط تمنعه من الصمود أو المقاومة.
فلسفة الحياة تعطي الكائن الحي نماذج ودروسا بالمجان كي يتعلم، من كل شيء في الحياة، فمثلا : بينما يستعد أحد الخصوم بدء النزال، يكون الخصم الأخر أو العدو، قد بدأ عمليا نزاله منذ مدة طويلة ، ويوشك في توجيه ضربته الأخيرة لخصمه، وهو يدرك تماما أن الخصم النظير لا يزال ينتظر بدء المعركة.
نزال
بقلم - أثير حلم
20-أيلول-19
عندما يبدأ الاستعداد للنزال بين الخصوم أو الأعداء، يتهيأ كل خصم في حسم المعركة لصالحه. لكن قد يبدأ أحد الخصوم منذ الوهلة الأولى ، بهجوم خفي، متقطع، متكرر، لأنه يدرك تماما حدود قدراته، أو ضعفه، أمام خصمه. ومع ذلك يستغل الوقت والظرف، يأخذ الأمر بجدية واهتمام أكثر, ويعمل ويحاول عدة مرات، في إنهاك واستنزاف لطاقات وقدرات الخصم، حتى ينهكه، لينقض عليه آخرا، بضربة خاطفه في بداية إعلان وقت النزال. كل تلك المحاولات كانت مجرد مناورة، وهو يقر في كل محاولة فعلا أنه لم يبدأ معركته الحقيقية مع الخصم، مع أن الواقع يبين، و تشير الدلائل على أنه قد بدأ فعلا بنفسه النزال، و أن الخصم النظير في غفلةٍ قد تلقى عمليا ضربات مؤلمة.
غالبا هذا ما يحدث وقت النزال في حلبة المصارعة أو الملاكمة. فالخصم قليل الخبرة، إذا أؤتي الذكاء، يستغل الوقت و يحسب المواقف والشواهد والدلائل ويراجع بدقة شديدة قدرات وإمكانات الخصم النظير، وهو في مرحلة التهيئة والتدريب والاستعداد قبل أن يبدأ النزال الحقيقي أمام الخصم النظير.
ما من أحدٍ إلا ويعرف حيوان" غرير العسل" ومن الأسماء أيضا التي تطلق عليه " أبو كعب " أو بلطجي الغابة. لكنني حقيقة لا أعلم لماذا سمي بالاسمين الأخيرين، أما بالنسبة لاسمه الأول فلئن ذلك الحيوان ذو القلب الجسور، يظل أياما يبحث في الغابة عن مناحل العسل، فيداهمها ، ورغم ذلك يتلقى لسعات مؤلمة من النحل الذي يهاجمه، ومع ذلك لا يبالِ بلسعات النحل، في سبيل أن يلتهم كل ما في خدور النحل من عسل، فلا يبقي على شيء ولا يذر، قبل أن ينصرف ويتتبع مناجم النحول الأخر في مناطق أخرى.
جرم هذا الحيوان الشرس لا يتعد حجم أذن فيل، لكنه ذو قلب جسور، وحنكة وفطنة وذكاء . ومع كل ذلك يشكل رعباً وهاجسا مخيفا الغابة فتخشاه طائفة الأسود والنمور ، فلا تقدر على المواجهة، ومما من شك أن ضربة واحدة من قبضة يد أسدٍ أو نمر كفيلةٍ بالقضاء عليهِ. إن تسنى لها الأمر حين المواجهة، إلا إن دّب الغابة هو الكائن الوحيد فحسب الذي يستطيع مواجهته، لربما لأنهما يشتركان في ذاتِ الخواص السلوكية والدينامية نوعا ما، بينما الفارق الجسدي بينهما فارقٌ كبير. ورغم ذلك لا يحبذ مواجهته، فيترك كثيرا منذ البداية ميدان المعركة سريعا تجنبا للمعاناة وللأذى الجسدي، ويرجع السبب في خشيةِ السباع من مواجهته، لأمر بسيط جدا، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة إليه. فهو يقوم بتلغيم منطقة أرض النزال، التي يريد أن يوقع فيها خصمه من السباع، بعشراتِ الحفر والخنادق المتصلة تحت الأرض ويستدرج الخصم الى هاته المنطقة، فيختبئ في كل مرة في جحر، ويخرج من أخر ويتقفى خصمه من الخلف فيضربه أو يطعنه في ظهره بمخالب تشبه حد الخناجر وطولها ، تلك الجروح الغائرة، تكسر بأس وسطوة خصمه، وتحطم ذاته ومعنوياته، بدرجة كبيرة وتصيبه بخيبة أمل وإحباط تمنعه من الصمود أو المقاومة.
فلسفة الحياة تعطي الكائن الحي نماذج ودروسا بالمجان كي يتعلم، من كل شيء في الحياة، فمثلا : بينما يستعد أحد الخصوم بدء النزال، يكون الخصم الأخر أو العدو، قد بدأ عمليا نزاله منذ مدة طويلة ، ويوشك في توجيه ضربته الأخيرة لخصمه، وهو يدرك تماما أن الخصم النظير لا يزال ينتظر بدء المعركة.