صدى الحرمان
02-16-2020, 07:40 PM
ألم الحقيقة!
من رسائل بريد الجمعة
قرأت رسالة جفاف النبع التي كتبها ابن يعترف فيها بعقوقه لأمه العطوف الحنون التي دللته كثيرا وميزته علي شقيقاته البنات إلي أن رحلت عن الحياة فجأة فاعتصر الندم قلبه علي جفائه معها وتمني بعد فوات الأوان لو كان قد حنا علي أمه وهي علي قيد الحياة قبل أن تنطوي صفحتها, وبعد قراءتي لهذه الرسالة شعرت بأنني يجب أن أكون في مثل شجاعة هذا الابن العاق وأعترف أنا أيضا بأخطائي ولو بعد فوات الأوان كما فعل.فأنا أم لأبناء وبنات متزوجين جميعا, ومنذ بضع سنوات مرضت ابنتي الكبري المتزوجة وعولجت علي مدي9 شهور ثم تدهورت حالتها فجأة ودخلت المستشفي فلم تبق فيه سوي ثلاثة أيام ثم رحلت عن الحياة وسط دهشتي وذهولي وقبل أن أفيق من صدمتي عرفت أنها كانت مريضة بالمرض اللعين منذ تسعة شهور.. وأن جميع من حولي كانوا يعرفون بذلك ويتكتمونه عني, ابتداء من زوجها إلي زوجي إلي ابنتي الأخري, فما أن علمت بذلك حتي أنفجرت براكين الغضب في أعماقي وثرت ثورة هائلة علي الجميع لإخفائهم حقيقة مرض ابنتي عني ولو كنت قد علمت بها لتفانيت في خدمتها ورعايتها ولما تركتها لحظة واحدة, ودافع الجميع عن أنفسهم بأنهم قد أشفقوا علي من ألم الحقيقة, وأنهم قد تكتموا عني مرضها خوفا عليها وعلي في نفس الوقت, لكنهم لم يقصروا في حقها بأي وجه من الوجوه ولم يدعوا سبيلا لعلاجها دون أن يلجأوا إليه, وأرسلوا تقاريرها الطبية إلي الخارج فكان العلاج هناك هو نفس العلاج هنا.وحين حاسبت زوج ابنتي علي ذلك قال لي مدافعا عن نفسه: إن كل ما كان يعنيه هو أن يسعد أبنتي وأن تحيا هي أيامها الأخيرة وهي تأمل في الشفاء ولا تشعر باقتراب الموت منها.. وحسبه أنه قد نجح في ذلك.. ورحلت عن الحياة وهي سعيدة فتذكرت في هذه اللحظة أنه كان قد جدد أثاث البيت قبل رحيلها بشهور دون مبرر واضح لي وقتها وأنني سألته عن أسباب ذلك مع ما يتكلفه من أعباء لا ضرورة لها فقال لي أن التغيير مطلوب لتجديد الحياة, ومادامت زوجته سعيدة بذلك فهو سعيد من أجلها, كما تذكرت أيضا أنه كان قد اصطحبها معه في تلك الفترة في أكثر من رحلة خارجية, وفي رحلات داخلية طويلة علي غير المألوف في حياتهما.. وكان يتفاني في حبها وإسعادها.. ولم أربط للأسف وقتها بين ذلك وبين مرضها, واعتبرته شيئا إيجابيا عاديا لكن كل ذلك لم يخفف من غضبي وثورتي علي الجميع ولم أغفر لأحد هذا الخطأ البشع وكرهت الدنيا وكرهت زوجي وهجرته بل وطلبت منه الطلاق كما كرهت أيضا زوج ابنتي.. حتي أبناءها أصبحت لا أطيق رؤيتهم ولا أتحملهم حين يجيئون لزيارتي ولم يعد في قلبي سوي الكره والحقد حتي تمنيت الموت لكل ابنة لكي تشعر كل أم بما أحس به وتعرف حسرتي وألمي ولوعتي.. وأعترف لك بذلك بالرغم من قسوته وغرابته لتعرف إلي أي حد دمر الكره نفسي ومضت الأيام وأنا أجتر أحزاني وأحقادي وكراهيتي, وانقضي عامان علي رحيل ابنتي.. ثم علمت أن زوجها يفكر في الزواج مرة أخري وفي أن يبدأ حياته من جديد من أجله ومن أجل أبنائه, فازدادت النار اشتعالا في قلبي وفي كياني كله.. وتساءلت أهذا هو الوفاء؟ أهذا ما تستحقه منه ابنتي التي أعطته حياتها كلها؟.. وكيف أتصور امرأة أخري في مكان أبنتي وكيف له أن يهنأ ويسعد بحياته وابنتي تحت التراب؟.. وهل يكفي عامان فقط لكي ينسي رفيقة حياته الراحلة؟ وكدت أصاب بالجنون.. وازدادت ثورتي حين علمت أنه يريد الأرتباط بسيدة من الأسرة, أرملة فقدت زوجها قبل عامين ولها أبناء مثله.. وطلبت من زوج ابنتي الراحلة إذا كان لا مفر له من الزواج ألا يتزوج هذه السيدة بالذات وأن يختار لنفسه أي امرأة أخري, فأجابني بأنه لا يستطيع أن يأتمن أي سيدة سواها علي نفسه وعلي أبنائه وقد كانت نعم الزوجة لزوجها الراحل ونعم الأم لأبنائها. فلم أطق صبرا علي ما سمعت وانطلقت كالمجنونة أسيء إلي هذه السيدة لدي كل من يعرفونها من الأهل والأقارب والجيران وإلي أخلاقتها وسمعتها, وأسيء إلي زوج ابنتي وأتهمهما معا بأنهما لابد قد كانا علي علاقة آثمة في حياة ابنتي.. وفي حياة زوجها وإلا فلماذا يتعجلان الارتباط علي هذا النحو؟ وطفت علي الجميع أردد أمامهم هذه الاتهامات والآراء ولم أعف أحفادي من الابنة الراحلة من هذه المعركة فرحت أسيء لأبيهم عندهم كلما جاءوا لزيارتي وأحرضهم عليه وأقول لهم إنهم لو كانوا يحبون أمهم حقا لما قبلوا بزواج أبيهم من بعد أمهم, وأتهمهم بخيانة ذكراها حتي تباعدت زياراتهم لي تدريجيا لضيقهم بما يسمعون مني إلي أن انقطعوا نهائيا عن زيارتي وحاولت أن أفعل نفس الشيء مع أبناء هذه السيدة الأرملة وأن أزرع الشك في قلوبهم تجاهها وأحرضهم علي رفض هذا الزواج لكي يكرهوا أمهم علي رفضه ونجحت في الإساءة إلي سمعتها عند أفراد الأسرة جميعا. وبالرغم من كل ما فعلت فقد تزوجها زوج أبنتي الراحلة, فقطعت علي الفور علاقتي بها وبأسرتها وهي فرع من أسرتنا ومنذ فترة قصيرة استسلمت للنوم مساء يوم الخميس.. فرأيت ابنتي الراحلة في الحلم لأول مرة منذ رحيلها عن الحياة.. رأيتها كالملاك في ثوب أبيض شفاف تقترب مني وتقبلني في خدي وهي تبتسم وتطلب مني أن أرعي زوجها وأبناءها وأترفق بهم! وصحوت من نومي باكية وقرأت الفاتحة علي روح ابنتي.. وعافت نفسي الطعام, فلم أتناول الإفطار واكتفيت بشرب فنجان من القهوة, ثم جاءني أهرام الجمعة ففتحته علي صفحتك وقرأت رسالة جفاف النبع, ووجدت الشاب كاتب الرسالة يعترف بجفائه لأمه الراحلة وأساءته لمعاملتها وانفجاره فيها بالرغم من تلهفها علي كلمة حانية واحدة منه قبل أن تودع الحياة. ونظرت حولي فرأيتني قد ابتعد عني أحفادي من ابنتي الراحلة حتي أنني لم أحضر زفاف حفيدتي ولم تحفل هي بعدم حضوري ولم يحفل أخوتها بمقاطعتي لفرحها. وسألت نفسي هل أنا أقل شجاعة من هذا الشاب الذي اعترف بأخطائه وندم عليها ولو جاء ذلك بعد فوات الأوان, وماذا فعلت بنفسي وبأحفادي وبأهلي وأسرتي؟ وكيف نسيت ربي وارتكبت كل هذه الآثام؟ لقد رميت محصنة في شرفها بغير الحق ورميت محصنا في اخلاصه لزوجته الراحلة بالباطل وقطعت رحمي ونفرت أحفادي مني, وطلبت من أبنائي مقاطعة زوج أختهم الراحلة وافتريت عليهما الإثم, فإذا بابنتي توصيني بزوجها وأبنائها خيرا كأنما تعلم بما فعلت بهم.. فهل يغفر الله لي كل هذه الآثام إنني أرجو أن تكون رسالتي هذه عبرة لكل من يتحدي الموت أو يتحدي أقداره ويسخط عليها, وأطلب من كل من أسأت إليهم تقدير موقفي وعذري فيما فعلت وأرجو أن تساعدني في مهمتي الشاقة وتوجهني لما أفعله لإصلاح كل ذلك لأني أريد أن أرجع إلي الله والسلام.
من رسائل بريد الجمعة
قرأت رسالة جفاف النبع التي كتبها ابن يعترف فيها بعقوقه لأمه العطوف الحنون التي دللته كثيرا وميزته علي شقيقاته البنات إلي أن رحلت عن الحياة فجأة فاعتصر الندم قلبه علي جفائه معها وتمني بعد فوات الأوان لو كان قد حنا علي أمه وهي علي قيد الحياة قبل أن تنطوي صفحتها, وبعد قراءتي لهذه الرسالة شعرت بأنني يجب أن أكون في مثل شجاعة هذا الابن العاق وأعترف أنا أيضا بأخطائي ولو بعد فوات الأوان كما فعل.فأنا أم لأبناء وبنات متزوجين جميعا, ومنذ بضع سنوات مرضت ابنتي الكبري المتزوجة وعولجت علي مدي9 شهور ثم تدهورت حالتها فجأة ودخلت المستشفي فلم تبق فيه سوي ثلاثة أيام ثم رحلت عن الحياة وسط دهشتي وذهولي وقبل أن أفيق من صدمتي عرفت أنها كانت مريضة بالمرض اللعين منذ تسعة شهور.. وأن جميع من حولي كانوا يعرفون بذلك ويتكتمونه عني, ابتداء من زوجها إلي زوجي إلي ابنتي الأخري, فما أن علمت بذلك حتي أنفجرت براكين الغضب في أعماقي وثرت ثورة هائلة علي الجميع لإخفائهم حقيقة مرض ابنتي عني ولو كنت قد علمت بها لتفانيت في خدمتها ورعايتها ولما تركتها لحظة واحدة, ودافع الجميع عن أنفسهم بأنهم قد أشفقوا علي من ألم الحقيقة, وأنهم قد تكتموا عني مرضها خوفا عليها وعلي في نفس الوقت, لكنهم لم يقصروا في حقها بأي وجه من الوجوه ولم يدعوا سبيلا لعلاجها دون أن يلجأوا إليه, وأرسلوا تقاريرها الطبية إلي الخارج فكان العلاج هناك هو نفس العلاج هنا.وحين حاسبت زوج ابنتي علي ذلك قال لي مدافعا عن نفسه: إن كل ما كان يعنيه هو أن يسعد أبنتي وأن تحيا هي أيامها الأخيرة وهي تأمل في الشفاء ولا تشعر باقتراب الموت منها.. وحسبه أنه قد نجح في ذلك.. ورحلت عن الحياة وهي سعيدة فتذكرت في هذه اللحظة أنه كان قد جدد أثاث البيت قبل رحيلها بشهور دون مبرر واضح لي وقتها وأنني سألته عن أسباب ذلك مع ما يتكلفه من أعباء لا ضرورة لها فقال لي أن التغيير مطلوب لتجديد الحياة, ومادامت زوجته سعيدة بذلك فهو سعيد من أجلها, كما تذكرت أيضا أنه كان قد اصطحبها معه في تلك الفترة في أكثر من رحلة خارجية, وفي رحلات داخلية طويلة علي غير المألوف في حياتهما.. وكان يتفاني في حبها وإسعادها.. ولم أربط للأسف وقتها بين ذلك وبين مرضها, واعتبرته شيئا إيجابيا عاديا لكن كل ذلك لم يخفف من غضبي وثورتي علي الجميع ولم أغفر لأحد هذا الخطأ البشع وكرهت الدنيا وكرهت زوجي وهجرته بل وطلبت منه الطلاق كما كرهت أيضا زوج ابنتي.. حتي أبناءها أصبحت لا أطيق رؤيتهم ولا أتحملهم حين يجيئون لزيارتي ولم يعد في قلبي سوي الكره والحقد حتي تمنيت الموت لكل ابنة لكي تشعر كل أم بما أحس به وتعرف حسرتي وألمي ولوعتي.. وأعترف لك بذلك بالرغم من قسوته وغرابته لتعرف إلي أي حد دمر الكره نفسي ومضت الأيام وأنا أجتر أحزاني وأحقادي وكراهيتي, وانقضي عامان علي رحيل ابنتي.. ثم علمت أن زوجها يفكر في الزواج مرة أخري وفي أن يبدأ حياته من جديد من أجله ومن أجل أبنائه, فازدادت النار اشتعالا في قلبي وفي كياني كله.. وتساءلت أهذا هو الوفاء؟ أهذا ما تستحقه منه ابنتي التي أعطته حياتها كلها؟.. وكيف أتصور امرأة أخري في مكان أبنتي وكيف له أن يهنأ ويسعد بحياته وابنتي تحت التراب؟.. وهل يكفي عامان فقط لكي ينسي رفيقة حياته الراحلة؟ وكدت أصاب بالجنون.. وازدادت ثورتي حين علمت أنه يريد الأرتباط بسيدة من الأسرة, أرملة فقدت زوجها قبل عامين ولها أبناء مثله.. وطلبت من زوج ابنتي الراحلة إذا كان لا مفر له من الزواج ألا يتزوج هذه السيدة بالذات وأن يختار لنفسه أي امرأة أخري, فأجابني بأنه لا يستطيع أن يأتمن أي سيدة سواها علي نفسه وعلي أبنائه وقد كانت نعم الزوجة لزوجها الراحل ونعم الأم لأبنائها. فلم أطق صبرا علي ما سمعت وانطلقت كالمجنونة أسيء إلي هذه السيدة لدي كل من يعرفونها من الأهل والأقارب والجيران وإلي أخلاقتها وسمعتها, وأسيء إلي زوج ابنتي وأتهمهما معا بأنهما لابد قد كانا علي علاقة آثمة في حياة ابنتي.. وفي حياة زوجها وإلا فلماذا يتعجلان الارتباط علي هذا النحو؟ وطفت علي الجميع أردد أمامهم هذه الاتهامات والآراء ولم أعف أحفادي من الابنة الراحلة من هذه المعركة فرحت أسيء لأبيهم عندهم كلما جاءوا لزيارتي وأحرضهم عليه وأقول لهم إنهم لو كانوا يحبون أمهم حقا لما قبلوا بزواج أبيهم من بعد أمهم, وأتهمهم بخيانة ذكراها حتي تباعدت زياراتهم لي تدريجيا لضيقهم بما يسمعون مني إلي أن انقطعوا نهائيا عن زيارتي وحاولت أن أفعل نفس الشيء مع أبناء هذه السيدة الأرملة وأن أزرع الشك في قلوبهم تجاهها وأحرضهم علي رفض هذا الزواج لكي يكرهوا أمهم علي رفضه ونجحت في الإساءة إلي سمعتها عند أفراد الأسرة جميعا. وبالرغم من كل ما فعلت فقد تزوجها زوج أبنتي الراحلة, فقطعت علي الفور علاقتي بها وبأسرتها وهي فرع من أسرتنا ومنذ فترة قصيرة استسلمت للنوم مساء يوم الخميس.. فرأيت ابنتي الراحلة في الحلم لأول مرة منذ رحيلها عن الحياة.. رأيتها كالملاك في ثوب أبيض شفاف تقترب مني وتقبلني في خدي وهي تبتسم وتطلب مني أن أرعي زوجها وأبناءها وأترفق بهم! وصحوت من نومي باكية وقرأت الفاتحة علي روح ابنتي.. وعافت نفسي الطعام, فلم أتناول الإفطار واكتفيت بشرب فنجان من القهوة, ثم جاءني أهرام الجمعة ففتحته علي صفحتك وقرأت رسالة جفاف النبع, ووجدت الشاب كاتب الرسالة يعترف بجفائه لأمه الراحلة وأساءته لمعاملتها وانفجاره فيها بالرغم من تلهفها علي كلمة حانية واحدة منه قبل أن تودع الحياة. ونظرت حولي فرأيتني قد ابتعد عني أحفادي من ابنتي الراحلة حتي أنني لم أحضر زفاف حفيدتي ولم تحفل هي بعدم حضوري ولم يحفل أخوتها بمقاطعتي لفرحها. وسألت نفسي هل أنا أقل شجاعة من هذا الشاب الذي اعترف بأخطائه وندم عليها ولو جاء ذلك بعد فوات الأوان, وماذا فعلت بنفسي وبأحفادي وبأهلي وأسرتي؟ وكيف نسيت ربي وارتكبت كل هذه الآثام؟ لقد رميت محصنة في شرفها بغير الحق ورميت محصنا في اخلاصه لزوجته الراحلة بالباطل وقطعت رحمي ونفرت أحفادي مني, وطلبت من أبنائي مقاطعة زوج أختهم الراحلة وافتريت عليهما الإثم, فإذا بابنتي توصيني بزوجها وأبنائها خيرا كأنما تعلم بما فعلت بهم.. فهل يغفر الله لي كل هذه الآثام إنني أرجو أن تكون رسالتي هذه عبرة لكل من يتحدي الموت أو يتحدي أقداره ويسخط عليها, وأطلب من كل من أسأت إليهم تقدير موقفي وعذري فيما فعلت وأرجو أن تساعدني في مهمتي الشاقة وتوجهني لما أفعله لإصلاح كل ذلك لأني أريد أن أرجع إلي الله والسلام.