لذا فلا عجب أن نجد أن القرآن الكريم وهو دستور الإسلام الخالد كما سمى بعض سوره بأسماء بعض البشر من الأنبياء وغيرهم , فإنه بالتساوي قد سمى بعض سوره بأسماء بعض الحيوانات , فأسماء الأشخاص الذين سمى الله تعالى سورا باسمهم في كتابه الكريم على الترتيب : يونس – هود- يوسف- مريم- لقمان- محمد-نوح . وأسماء الحيوانات التي سمى الله تعالى سورا باسمهم في كتابه الكريم على الترتيب : البقرة – الأنعام – النحل-النمل-العنكبوت-العاديات- الفيل. وهذا التساوي لا شك له دلالاته ومعانيه ,بل إن أسماء بعض الحيوانات قد فاق في ذكره في القرآن الكريم أسماء بعض الأنبياء عليهم السلام , فمثلا وردت الإبل في القرآن بأكثر من ثلاث عشرة مرة, والأنعام ورد اسمها اثنتان وثلاثون مرة .
بل إن القرآن الكريم قد أكد على قضية ( إنسانية ) ومشاعر الحيوان وأحاسيسه , قال تعالى في سورة النمل : " وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) سورة النمل . قال القرطبي : {ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} فجاء على خطاب الآدميين لأن النمل هاهنا أجري مجرى الآدميين حين نطق كما ينطق الآدميون. تفسير القرطبي 13/171. فالنملة هنا ذرت لفظة ( يشعرون ) وكأنها تدرك تماما معنى الأحاسيس والمشاعر وإلا لم تستخدم في قاموسها ما لا تدرك معناه .