الإيمان بالقدَر يقتضي مِن المؤمنين العملَ لا الكسل
من أسمائه سبحانه الحكيم ومعناه: الحَكَم، ذو الحكمة، الذي يُحكِم الأمور ويتقنها ويضعها في مواضعها اللائقة بها، والحاكم الذي يحكُم بالحقِّ، فله الحكم وإليه الحكم، وهو مُحكِم الأشياء وذو الحكمة البالغة في كلِّ شأنه - تبارك وتعالى.
وهو تعالى: القديرالذي لا يعجزه شيءٌ، ولا يمتنع منه شيءٌ، بل إذا أراد شيئًا فإنما يقول له: كن فيكون، وخلق كلَّ شيء فقَدَّرَه تقديرًا: ﴿ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 59].
فإذا تقرَّر ذلك فإنَّ الله تعالى بعلمه وخبرته وقدرته ومشيئته وخلقه وقوَّته وفضله ورحمته قد جعَل للمُسبَّبات أسبابًا تُنالُ بها، وللمَقاصد طُرقًا ووسائل تُحصَّل بها، وقرَّر هذا في الفِطَر السليمة، ودلَّ عليه العُقول الصحيحة، وقرَّر ذلك في الشرائع والرِّسالات، ونفَّذه في الواقع وجعَلَه مُدرَكًا من خَلقِه في الواقع والمشاهدات، فأعطَى كلَّ مخلوقٍ خلقَه اللائق به، ثم هَداه لما خلقه له من أصناف السعي والحركة والتصرُّفات المتنوِّعة، وبنى أمورَ الدُّنيا والآخِرة على ذلك النِّظام البديع العجيب الشاهد لله سبحانه بكَمال العلم والحكمة والقُدرة والقوَّة، وأشهَد العِباد أنَّه بهذا التنظيم الدقيق والتصرُّف الحكيم والتيسير البيِّن وجَّه العالمين إلى أعمالهم، ونشَّطهم إلى أشغالهم؛ ليَحرِصوا على ما ينفَعُهم، ويُباشِروا من الأسباب الشرعيَّة والمباحة ما أمكَنهم، مُستَعِينين بربِّهم، مُتوكِّلين عليه ومُعتمِدين عليه، واثقين به في تحصيل مَقصودهم؛ ولذلك قال الله تعالى: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ﴾ [التوبة: 105] ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اعمَلوا، فكُلٌّ مُيسَّرٌ لما خُلق له"
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفَعُك، واستَعِنْ بالله ولا تعجز، فإنْ أصابك شيءٌ فلا تقلْ: لو أني فعلتُ كذا كان كذا، ولكن قُلْ: قدر الله وما شاء فعل"
فعلى العباد أنْ يعمَلُوا جُهدهم ويُباشِروا ما تيسَّر لهم من أسبابٍ في طلَب المنافع واتِّقاء المضارِّ من أمور الدنيا والآخِرة، ويتَّكلوا على ربهم، فإنْ حصَل لهم ما يحبُّون من طاعته وممَّا لا يُخالِف شرعه شكَرُوا الله تعالى، وإنْ أصابَتْهُم مصيبةٌ سلَّموا له وحمدوه وصبروا، وإنْ أذنبوا تابوا إلى ربهم واستغفروه، وإنْ تبيَّن لهم سبيلُ رشدٍ في أمر دِينهم ودُنياهم وشمَّروا إليه متكلين على ربهم معتمدين عليه مستعيذين به واثقين به راضين بقِسمته، فتكون كلُّ أمورهم لهم خيرًا فيما يحبُّون وما يكرهون؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: "عجبًا لأمر المؤمن إنَّ أمرَه كلَّه له خير وليس ذلك إلا للمؤمن، إنْ أصابَتْه سرَّاء شكَر فكان ذلك خيرًا له، وإنْ أصابَتْه ضرَّاء صبر فكان خيرًا له"
يَشكُرون عند حُصول المحابِّ، ويصبرون عند المصائب، ويتوبون ويستغفرون من المعائب، وما فاتَهم من أمور الدنيا بعد استكمال أسبابه لم يأسَفُوا عليه؛ لإيمانهم بحكمة الله تعالى فيه، وأنَّ اختيار الله تعالى لهم مع الطاعة وفي الأمور المباحة خير لهم من اختيارهم لأنفُسهم، ومع المعصية من رحمته بهم؛ قال تعالى: ﴿ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ﴾ [الحديد: 23].
ألف شكر لك على هذا الطرح المميز
تسلم الانامل على الذوق الرفيع
و الابداع والتميز يعطيك الف عافية
ولا تحرمنا من ابداعاتك وتميزك المتواصل
فنحن بانتظار جديدك الرائع والجميــــــل
كوجودك المتواصل والجميل معنا
دمت ودام لنا تميزك
لروحك أكاليل الورد