الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد .
فهذا عرض مختصر لأحكام زكاة الفطر وعيد الفطر ،
مقروناً بالدليل ،
تحرياً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم و اتباعاً لسنته
• حكمها :
زكاة الفطر فريضة على كل مسلم ؛ الكبير والصغير ،
والذكر و الأنثى ، و الحر والعبد ؛
لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال
: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر
من رمضان صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ؛ على العبد والحر ،
والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين .
و أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة " أخرجه البخاري .
• فتجب على المسلم إذا كان يجد ما يفضل عن قوته وقوت
عياله يوم العيد وليلته ، فيخرجها عن نفسه ،
وعمن تلزمه مؤنته من المسلمين كالزوجة والولد.
و الأولى أن يخرجوها عن أنفسهم إن استطاعوا ؛
لأنهم هم المخاطبون بها .
أما الحمل في البطن فلا يجب إخراج زكاة الفطر عنه ؛
لعدم الدليل . وما روي عن عثمان رضي الله عنه ، وأنه " كان يعطي صدقة الفطر عن الحَبَل " فإسناده ضعيف .
•حكم إخراج قيمتها :
لا يجزئ إخراج قيمتها ، وهو قول أكثر العلماء
؛ لأن الأصل في العبادات هو التوقيف ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدٍ من أصحابه أنه أخرج قيمتها ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " أخرجه مسلم .
ما جاء في حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث ،
وطعمة للمساكين . من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات " أخرجه أبوداود وابن ماجة بسند حسن .
•جنس الواجب فيها :
طعام الآدميين ؛ من تمر أو بُر أو أرز أو غيرها من طعام بني آدم .
قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : " كنا نخرج يوم الفطر في عهد رسول النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ، وكان طعامنا الشعير والزبيب و الأقط والتمر " أخرجه البخاري .
•وقت إخراجها :
قبل العيد بيوم أو يومين كما كان الصحابة يفعلون ؛ فعن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال في صدقة التطوع
: " و كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين " أخرجه البخاري ، وعند أبي داود بسند صحيح أنه قال : " فكان ابن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم واليومين ".
و آخر وقت إخراجها صلاة العيد ، كما سبق في حديث ابن عمر ، وابن عباس رضي الله عنهم .
•مقدارها :
صاع عن كل مسلم لحديث ابن عمر السابق .
والصاع المقصود هو صاع أهل المدينة ؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ضابط ما يكال ،
بمكيال أهل المدينة كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المكيال على مكيال أهل المدينة والوزن على وزن أهل مكة "
أخرجه أبو داود والنسائي بسند صحيح .
والصاع من المكيال ، فوجب أن يكون بصاع أهل المدينة
في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد وقفت على مدٍ معدول بمد زيد بن ثابت رضي الله عنه
عند أحد طلاب العلم الفضلاء ، بسنده إلى زيد بن ثابت
رضي الله عنه فأخذت المد و عدلته بالوزن لأطعمة مختلفة ،
و من المعلوم أن الصاع أربعة أمداد فخرجت بالنتائج الآتية :
أولاً : أن الصاع لا يمكن أن يعدل بالوزن ؛ لأن الصاع يختلف وزنه باختلاف
ما يوضع فيه ، فصاع القمح يختلف وزنه عن صاع الأرز ،
وصاع الأرز يختلف عن صاع التمر ،
والتمر كذلك يتفاوت باختلاف أنواعه ،
فوزن ( الخضري ) يختلف عن ( السكري ) ،
و المكنوز يختلف عن المجفف حتى في النوع الواحد ،
وهكذا.
ولذلك فإن أدق طريقة لضبط مقدار الزكاة هو الصاع ،
وأن يكون بحوزة الناس.
ثانياً : أن الصاع النبوي يساوي
: (3280 مللتر ) ثلاث لترات و مائتان وثمانون مللتر تقريباً .
ثالثاً : عدلت صاع أنواع من الأطعمة بالوزن .
فتبين أن الموازين تتفاوت في دقة النتيجة
فاخترت الميزان الدقيق ( الحساس ) و خرجت بالجدول الآتي :
وأنبه هنا أن تقدير أنواع الأطعمة هنا بالوزن أمر تقريبي ؛
لأن وضع الطعام في الصاع لا ينضبط بالدقة المذكورة .
و الأولى كما أسلفت أن يشيع الصاع النبوي بين الناس ،
ويكون مقياس الناس به .
هم الفقراء والمساكين من المسلمين ؛
لحديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق :
" .. وطعمة للمساكين " .
•تنبيه :
من الخطأ دفعها لغير الفقراء و المساكين ،
كما جرت به عادة بعض الناس من إعطاء الزكاة للأقارب
أو الجيران أو على سبيل التبادل بينهم و إن كانوا لا يستحقونها ،
أو دفعها لأسر معينة كل سنة دون نظر في حال تلك الأسر ؛
هل هي من أهل الزكاة أو لا ؟ .
• مكان دفعها تدفع إلى فقراء المكان الذي هو فيه ،
و يجوز نقلها إلى بلد آخر على القول الراجح ؛
لأن الأصل هو الجواز ، و لم يثبت دليل
صريح في تحريم نقلها .