ذكروا أن إخوة كانت لهم بقرة يخلطون لبنها بالماء ويبيعونه للناس
، واستمروا على هذا الحال زمنا.. ثم أرسل الله سيلا فحمل البقرة فغرقت فماتت،
فقال لهم العقلاء:
ما بعتموه للناس أقساطا جمعه الله لكم فأغرق لكم به البقرة.
الدافع إلى الحرام ربما يكون البحث عن تأمين المستقبل للأبناء ليوفر لهم الأب
المستقبل المشرق المضيء، ورب العزة سبحانه يخبرنا أن خير ضمانة لحفظ الأبناء
أنما هي التقوى.. من خاف على عقبه وعقب عقبه فليتق الله
{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ
وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}(النساء:9).
لما حضرت عمر بن عبد العزيز قال له [مسلمة بن عبد الملك]
وكان قائد جيوشه وابن عمه: إنه قد نزل بك ما نزل،
وإنك تركت صبيتك صغارًا لا مال لهم فأوص بهم إليَّ.
فجلس عمر وقال: والله ما منعتهم حقًا هو لهم، ووالله لن أعطيهم ما ليس لهم،
إن بنيّ أحد رجلين: إما رجل يتقي الله فسيجعل الله له مخرجًا،
وإما مُكِبٌ على المعصية فلم أَكُنْ لأقويه على معصية الله،
ثم قال: ادعوا أبنائي جميعًا فدعوهم، وكانوا بضعة عشر صبيًا كأنهم فراخ،
نظر إليهم بحنان الوالد، نظر لضعف طفولتهم وبراءة أعينهم؛
فذرفت عيناه الدمع ثم قال: أي بَنيّ إن أباكم كان بين أمرين:
إما أن يُغْنيكم ويدخل النار، أو يُفْقركم ويدخل الجنة.
فاختار أن يفقركم ويدخل الجنة،
لكن إن وَلِيَّ فيكم الله الذي نزّل الكتاب وهو يتولى الصالحين
، انصرفوا –عصمكم الله.
فلقد رآهم بعد ذلك من رآهم
وقد أغناهم الله من فضله فمنهم الأمير
ومنهم من يتصدق بالألوف
ويحمل في سبيل الله.