بسم الله الرحمن الرحيم
أحداث تموج بالعالم، نظريات تسقط وأخرى تولد، وهذا يقيم التاريخ وذاك يفلسف الأحداث، تجد الحكمة أحيانا والتهور أحايين أخرى.. ومن بين هذا الحراك الضخم تبرز تحليلات راقية وأفكار جوهرية آثرت أن أجمعها في عقد فريد، حباته أشبه بمحطات نحتاج أن نقف عندها كثيرا لنستقي منها العبرة ويتولد عندها الهدف .. إنه العالم الغريب الذي أتعب البشر وأتعبوه معهم، فهل من معتبر، وهل من مستفيد.
• خطط إجرامية
أعلن البابا كليمنت الخامس (1305-1314) أن وجود مسلم على الأرض المسيحية يعتبر «إهانة لله».. وأن المسلمين في الممالك الأوروبية وكر الوباء متوهجة التلوث مصدر الطاعون العضال والجراثيم القذرة. وبهذا المنطلق أبادوا المسلمين في صقلية وجنوب إيطاليا في بداية القرن الرابع عشر، وعندما سقطت غرناطة دقت أجراس الكنائس في شتى أرجاء أوروبا ابتهاجا بالنصر المسيحي على الكفار، ثم لم تلبث محاكم التفتيش أن بدأت -وعلى مدى 300 سنة- بتخيير المسلمين بين الموت بأبشع الطرق أو التنصر أو الاستعباد أو الرحيل.. نفس المخطط ونفس الإجرام.. وما فشلوا في إنجازه منذ ألف عام ومنذ خمسمائة عام يعيدون الكرة الآن كي ينجحوا فيه. وعلى سبيل المثال فإن المؤامرة الأمريكية على السودان والعبث الإسرائيلي في أثيوبيا ليس إلا استمرارا لمخطط «دالبوكيرك» منذ خمسمائة عام، وهو أحد قواد حملاتهم الصليبية التي لم تنقطع قط، وكان المخطط يزمع تحويل مجرى نهر النيل ليحرم مصر من أراضيها الخصبة فيتم هلاكها وإخضاعها، وقد كتب إلى ملك البرتغال يستدعي صناعا مهرة ليقوموا بفتح ثغرة بين سلسلة التلال الصغيرة التي تجري بجانب النيل في الحبشة، ولكنه توفي سنة 1515ثم أحبط مواصلة الخطط في هذا الاتجاه انضمام مصر بالفتح إلى الدولة الإسلامية الكبرى منذ عام 1517