القلب لا يسمى فؤاداً إلا إذا توقّد بالمشاعر وتحرّك بها، يقال: الفؤاد من: التفؤُّد؛ أي: التوقّد والإشتعال والحرقة، فكأن القلب هو موضع هذه المشاعر..
فأم موسى كاد قلبها ينفطر من الوَجد والحزن والألم، وأصبح فارغًا من شدة القلق، وفارغًا من كل شىء من أمور الدنيا إلا من موسى..
كأن قلبها نفسه خرج من موضعه وراء ابنها..
فربط الله تعالى على قلبها، فأحدث لها ضبطًا لمشاعرها؛ لتتحكم في تصرفاتها، وتثبت..
وأصل الربط: الشد والتقوية للشيء، ومنه قولهم: فلان رابط الجأش، أى: قوي القلب.
عندما تخور العزيمة، وتركن النفس وتتعب، يبعث الله لأوليائه رباط القلوب؛ ليثبّتهم..
وتأمل الإضافة في الفعل (وربطنا) =مضافٌ للرب؛ لتتنعم بالحفظ الإلهي، وتستشعر جلالة هذا الربط ونفاسته، والطمأنينة المحيطة به♥
ولتعلم عِظم إحكامه، ومنتهى راحته، وجمال استقراره، وحسن أنواره..
فتتحول المضغة المضطربة إلى قلب صلدٍ يأبى الانهيار، ويحصّن من متاهات الانكسار..