جبريل وميكال
معنا في هذه الليلة علمان جليلان هما :
جبريل وميكال ، ومعلوم قطعا أيها الأحبة أن جبريل وميكال من ملائكة الرحمن المقربين ، وقبل الحديث عن هذين العلمين نتحدث قليلا عن عالم الملائكة المكرمين .
أولا : خصائص الملائكة .
نزع الله تعالى من الملائكة غوائل الشر ، فهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وقال الله تعالى " بل عباد مكرمون " فنعتهم ربهم جل وعلا بأنهم عباد مكرمون ، لا يأكلون لا يشربون لا يتناكحون ، ولذلك لما جاؤوا إلى إبراهيم عليه السلام وقدم لهم الأكل لم يأكلوا
" فلما رأى أيديهم لا تصل إليه أوجس منهم خيفة "
ثانيا : وظائفهم .
جعل الله تعالى لهم وظائف ومهام ، قال الله تعالى عنهم " وما منا إلا وله مقام معلوم "
أي مهمة لا يتأخر عنه ولا يتقدم ،
كل ذلك يجري بقدر من الله تعالى ، ولله الأمر من قبل ومن بعد . ثالثا : عددهم .
هؤلاء الملائكة جم غفير لا يعلم عددهم إلا الله ، قال الله تعالى " ما يعلم جنود ربك إلا هو "
وقد طُبع في أذهان الناس وفطرهم أن هؤلاء الملائكة حسان الخلق ، وأنهم ذوو قدرة عظيمة وهيئة حسنة .
رابعا : مكانهم .
مواطنهم السماء ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم " أطت السماء وحق لها أن تئط ، ما من موضع أربعة أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله تعالى
" فهؤلاء هم ملائكة الرحمن صلوات الله عليهم وعلى أنبيائه ورسله أجمعين ..
خامسا : من جبريل وميكال في هذا العالم ..؟.
ظاهر القرآن والسنة يدل على أن جبريل وميكال أحد رؤساء الملائكة الأربعة ، فالعلماء يقولون : دل القرآن والسنة على أن رؤساء الملائكة أربعة : جبريل وإسرافيل وملك الموت وميكال ، أما إسرافيل فقد أوكل الله إليه النفخ في الصور ،
قال الله " فنفخ في الصور فصعق من في السموات والأرض إلا من شاء الله " وأوكل الله تعالى إليه أن يتقدم إسرافيلُ بعد النفخةِ الثانية الخلق أجمعين وهم يُحشرون إلى أرض المحشر ، يقول الله تعالى في سورة طه " يومئذ [ أي في المحشر ] يتبعون الداعي لا عوج له " فالداعي هو إسرافيل والخلقُ يتبعونه ولا يحيدون عنه لا ميمنة ولا ميسرة ، وقد وصف الله تعالى الناس بوصف بليغ عند خروجهم من قبورهم فقال في سورة القارعة " يوم يكون الناس كالفراش المبثوث "
والفراش من وصفه أنه يموج بعضه في بعض يتخبط ، في حين أن الجراد يمشي على هيئة واحدة ليس كالفراش كما قال الله في سورة القمر
" كأنهم جراد منتشر "
وذلك كأن الناس بعد بعثهم مباشرة يكونون كالفراش لا يدرون أين يذهبون ،
ثم عندما يسمعون نداء إسرافيل يجتمعون كالجراد المنتشر يسيرون خلفه يتبعونه إلى أرض المحشر وهي أرض بيضاء نقية لم يُعص الله تعالى عليها قط .
أما ملك الموت ، فلم يرد نص صريح فيه ،
لكن الله أوكل إليه قبض الأرواح ، فإن هناك ملك ينفخ في أجسادنا ونحن أجنة في بطوننا ، وملك أرفع قدرا يقبض أرواحنا إذا شاء الله تعالى
" قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون "
سادسا : أما جبريل وميكال فقد قرن الله بينهما في عطف خاص بعد أمر هام في سورة البقرة ، قال الله " قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله
على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين ،
من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين
" فذكر الله تعالى الملائكة في الأول وهذا ذكر عام ، ثم ذكر جبريل وميكال وهذا خاص ، والقصد من الإفراد في هذه الآية هو التمييز والتشريف لهما عليما الصلاة والسلام
وسبب نزول هذه الآية .
أن جمعا من اليهود جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا أبا القاسم : إنا سائلوك عن مسائل لا يعلمها إلا نبي ،
فسألوه فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا بقيت واحدة ، إن أجبتنا إليها اتبعناك ، فأخذ عليهم النبي صلى الله عليه وسلم
العهد والمواثيق إن أجابهم اتبعوه ، واليهود عليهم لعائن الله قوم بهت ، فأعطوه العهد ، فقالوا : من وليك من الملائكة ..؟
فقال عليه الصلاة والسلام :
ولي من الملائكة جبريل ، ولم يكن عليه الصلاة والسلام أن يتبرأ من الملائكة ، لكن الله تعالى أوكل مهام الأنبياء إلى جبريل عليه الصلاة والسلام ،
فالنبي صلى الله عليه وسلم حدث بالواقع ، فقال : ولي من الملائكة جبريل ، فقال اليهود : هذا الذي ينزل بالحرب والقتال ، فلو كان وليك من الملائكة
هذا الذي ينزل بالقطر والرحمة والغيث [ أي ميكال ] لاتبعناك ،
فأنزل الله تعالى" قل من كان عدوا لجبريل
فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا
لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين ،
من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين "
جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف وإختيارك القيّم
رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها
وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة
وأجـــــــــزل لك العطـــاء