وكان الصحابي حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- صاحب باع كبير في أمور الفتن، ومن أعلم الصحابة بأخبارها وأحداثها، فيقول: أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ فَمَا مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا قَدْ سَأَلْتُهُ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَسْأَلْهُ مَا يُخْرِجُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ الْمَدِينَةِ. [مسلم]
ويبدو أن حذيفة -رضي الله عنه- كان يتحرج من ذكر كل ما يعلم من أمر الفتن، خشية أن يكون بعض ما يعلمه مما أسرَّ به النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه دون غيره من الصحابة، حيث يقول -رضي الله عنه-: والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما بي إلا أن يكون رسول -صلى الله عليه وسلم- أسر إليَّ ذلك شيئاً لم يحدثه غيري، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال وهو يحدث مجلساً أنا فيه عن الفتن: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يعد الفتن: (منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئاً، ومنهن فتن كرياح الصيف [أي فيها بعض الشدة، وإنما خص الصيف لأن رياح الشتاء أقوى]، منها صغار ومنها كبار)، قال حذيفة: فذهب أولئك الرهط كلهم غيري. [مسلم]
ومن الأمثلة على معرفة حذيفة الدقيقة بتفاصيل الأحداث ما يرويه محمد بن سيرين عن جندب قال: جئت يوم الجَرْعَةِ [هو يوم خرج فيه أهل الكوفة يتلقون والياً ولاه عليهم عثمان فردوه، وسألوا عثمان أن يولي عليهم أبا موسى الأشعري فولاه] فإذا رجل جالس، فقلت: لَيُهْرَاقَنَّ اليوم ههنا دماء، فقال ذاك الرجل: كلا والله، قلت: بلى والله، قال: كلا والله. قلت: بلى والله، قال: كلا والله، إنه لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدثنيه. قلت: بئس الجليس لي أنت منذ اليوم، تسمعني أخالفك وقد سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا تنهاني؟ ثم قلت: ما هذا الغضب؟ فأقبلت عليه، وأسأله، فإذا الرجل حذيفة.
ومن حديث حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ -رضي الله عنه- فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ قُلْتُ: أَنَا كَمَا قَالَهُ، قَالَ: إِنَّكَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا لَجَرِيءٌ؛ قُلْتُ: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ)، قَالَ: لَيْسَ هذَا أُرِيدُ، وَلكِنْ الْفِتْنَةُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ قَالَ: يُكْسَرُ، قَالَ: إِذًا لاَ يُغْلَقُ أَبَدًا.
قُلْنَا: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ قَالَ نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ
فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ، فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ؛ فَقَالَ: "الْبَاب عُمَرُ" [البخاري ومسلم]
وقد كان بعض الصحابة أيضا يعلم أن عمرَ هو الباب الذي بينهم وبين الفتنة؛ فقد لقي عمرُ أبا ذر فأخذ بيده فغمزها وكان عمر رجلاً شديدًا، فقال له أبو ذر: "أرسل يدي يا قفل الفتنة"، فقال عمر: وما قفل الفتنة؟ قال: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ورسول الله جالس، وقدِ اجتمع عليه الناس، فجلست في آخرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يصيبكم فتنة ما دام هذا فيكم) [الطبراني في الأوسط]
ومرة قال عثمان بن مظعون مخاطبًا عمر -رضي الله عنهما-: "يا غُلْق الفتنة"
وصدقوا فيما قالوا إذ قتل عمر؛ فظهرت الفتن وتفشت، فصار بعض الأمة يلعن بعضًا، ويقتل بعضها بعضًا.
جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف وإختيارك القيّم
رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها
وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة
وأجـــــــــزل لك العطـــاء
يعطيك ربى الف عاااافيه على الطرح المفيد
جعله الله فى ميزان حسناتك يوم القيامه
وشفيع لك يوم الحساب .........
شرفنى المرور فى متصفحك العطر
دمت بحفظ الرحمن
يعطيك ربى الف عاااافيه على الطرح المفيد
جعله الله فى ميزان حسناتك يوم القيامه
وشفيع لك يوم الحساب .........
شرفنى المرور فى متصفحك العطر
دمت بحفظ الرحمن