الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيد ولد آدم أجمعين, وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد:
فهذه وقفات كاشفة لمصدر تعاليم وسلوك الأمة الغضبية, بمحافلها الماسونية الصهيونية قديماً وحديثاً, مع اختلاف المسميات والأماكن والأزمان, وهذا المصدر العتيق الخطير هو كتاب التلمود الذي بقي طي الكتمان عن العامّة أحقاباً طويلة, ولم ينشر إلا في القرن السادس عشر, وفيه يُرى مبلغ الانحطاط الفكري, وسوء الأدب مع رب العالمين, ثم مع أنبيائه المكرمين, والكبر اللامتناهي تجاه الأمميين, وهم من سوى يهود.
وقبل ذلك نبيّن إجمال الكتاب المقدّس عند أهل الكتاب وهو (البيبل) المكوّن من العهد القديم(كتاب اليهود) والعهد الجديد (الخاص بالنصارى) والكتاب بعهديه هو كتاب النصارى المعترف به, على خلاف في تفاصيل ليس هذا مجال ذكرها.
وينقسم العهد القديم إلى أقسام ثلاثة:
1ـ التوراة وتسمى الناموس، وتحتوي على أسفار موسى الخمسة وهي (التكوين (أي الخلق) والخروج (أي خروج بني إسرائيل من مصر)، واللاويين (أي الأحبار والعلماء)، والعدد والتثنية (أي تثنية الشريعة) وهذه الأسفار الخمسة هي مقدمة العهد القديم, ولا يعترف السامريون بغيرها.
والتوراة ومعناها القانون والتعليم والشريعة؛ هي الوحي المكتوب في الألواح التي أنزلها الله تعالى على موسى عليه السلام هداية لبني إسرائيل (يعقوب عليه السلام) ويسميها النصارى (العهد القديم) مع إضافة أسفار أخرى وكتابات لها، وقد أخذوا هذه التسمية من سفر إرميا «رفع بيت يهوذا عهدًا جديدًا ليس كالعهد الذي قطعته على آبائهم» (إرميا 31: 31ـ 33).
2ـ أسفار الأنبياء (أي أنبياء بني إسرائيل من بعد موسى إلى قبيل عصر يوحنا المعمدان (يحيى عليه السلام)، وهي نوعان: أسفار الأنبياء المتقدمين، وأسفار الأنبياء المتأخرين.
3ـ الكتب (الكتابات) وهي الكتابات العظيمة والمجلات الخمس والكتب.
فهذه الأسفار السابقة معترف بها من قبل اليهود العبرانيين (وهم الذين لهم الغلبة والكثرة الآن) كذلك معترف بها من قبل البروتستانت، أما الكاثوليك فيضيفون سبعة أسفار أخرى مع تبديل في أسفار الملوك. أما العهد الجديد فنرجئ الكلام عنها لاحقاً بمشيئة الله تعالى.
الجدير بالذكر أن عند اليهود كتابًا يعظّمونه أشد من تعظيمهم للتوراة وهو التلمود، ويزعمون أن موسى عليه السلام لما استلم كتابه التوراة من ربه مكتوبة في الألواح، استلم كذلك تعاليم التلمود معها شفاهًا.
وقد أعلن البابا جريجوري التاسع عام (1242م) أن التلمود يتضمن كل الكفر والإلحاد والخسة؛ فما هو التلمود؟ وماذا يحوي؟
التلمود هو روايات شفوية تناقلتها الحاخامات حتى جمعها الحاخام يوحناس (أو يهوذا) عام (150م) في كتاب سمّاه المشنا أي تفسير التوراة، ثم زيد في هذا المشنا عام (216م) ثم شرح المشنا في كتاب يسمى جمارا، فمن المشنا والجمارا يتكون التلمود الذي يحتل في نفوس اليهود منزلة تزيد كثيرًا على منزلة التوراة لموافقتها تركيبتهم النفسية الغريبة.