السوداني للقاهرة

السوداني للقاهرة

لساعات قليلة، زار رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، مصر، ليثير تساؤلات بشأن الأهداف "المعلنة وغير المعلنة" لزيارته، بينما يتحدث خبراء لموقع "الحرة" عن أبعاد سياسية واقتصادية ورسائل مبطنة تحملها زيارته الأولى للقاهرة منذ توليه مهام منصبه العام الماضي.

وخلال الزيارة الرسمية التقى السوداني عددا من المسؤولين المصريين في القاهرة، لبحث عددا من الملفات المشتركة بين الجانبين.وفي قصر الاتحادية، اجتمع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مع رئيس الوزراء العراقي، بحضور وفد رفيع المستوى من المسؤولين بالبلدين، وفقا لبيان لـ"الرئاسة المصرية".

وخلال اللقاء أكد السيسي "دعم مصر لأمن واستقرار العراق، وتقديم الدعم الكامل للشعب العراقي على مختلف الأصعدة، لاسيما ما يتعلق بمكافحة الإرهاب وترسيخ الأمن والاستقرار".

وأشار السيسي إلى "حرص مصر على تفعيل وتنويع أطر التعاون الثنائي المشترك في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، والإسراع في تنفيذ المشروعات المشتركة بين البلدين".

ومن جانبه تحدث السوداني عن "الدور المصري البارز في تعزيز آليات العمل العربي المُشترك في مواجهة الأزمات والتحديات الراهنة بالمنطقة، للحفاظ على الاستقرار والنهوض بالأوضاع التنموية والاقتصادية والاجتماعية".

وأكد السوداني رغبة العراق بالعمل على تطوير العلاقات، ورفع مستوى التبادل التجاري، وتفعيل اللجان المشتركة بين البلدين إلى مستوى التنفيذ، وفقا لـ"رئاسة مجلس الوزراء العراقي".

وشهد اللقاء تبادل وجهات النظر بشأن عدد من القضايا العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، إذ اتفق الجانبان على أهمية مواصلة التنسيق المكثف للتصدي للتحديات التي تواجه المنطقة، حسب الرئاسة المصرية.
ما وراء الزيارة؟

ويشير مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل حسين، إلى أن الزيارة تهدف لـ"تعميق العلاقات العراقية المصرية وتفعيل الاتفاقيات المشتركة بين الجانبين سعيا لتحقيق الشراكة والتكامل الاقتصادي".

وفي حديثه لموقع "الحرة" يؤكد أن الزيارة جاءت لتفعيل "الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية وتطوير فرص الاستثمار بين الجانبين، خاصة في مجال الطاقة".

ويقول إن "مصر تمتلك خبرات في مجالات الطاقة ومكافحة التصحر والزراعة وتحقيق الاكتفاء الذاتي ومشروعات البنية التحتية وبناء المدن الحديثة، وهو ما يمكن أن يستفيد منه العراق الذي يعاني من المشكلات السابقة ويسعى لإعادة إعمار مدنه المدمرة".

وأثرت عقود من النزاعات في العراق على البنى التحتية للبلاد واقتصادها المعتمد إلى درجة كبيرة على النفط، الذي يمثل نسبة 90 بالمئة من الإيرادات، وفقا لـ"فرانس برس".

وأعلن العراق، في 9 ديسمبر 2017، انتصاره على تنظيم "داعش"، بعدما استعاد الأراضي التي سيطر عليها التنظيم في العام 2014، لكنه يواجه تحديات هائلة في مجال إعادة الإعمار.

ورغم إعلان العراق انتصاره على تنظيم "داعش"، لا تزال الموصل تشهد عملية إعادة إعمار بطيئة على الرغم من أن العديد من سكانها البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة يعيشون ظروفا صعبة، حسب "فرانس برس".

ويعاني العراق من مشكلة التصحر الناتجة عن عوامل مناخية وبشرية، ويعد خامس دولة في العالم بين الأكثر تضررا من تغير المناخ، إذ يعاني بشكل متزايد من الجفاف الشديد وانخفاض هطول الأمطار، وفقا لـ"الأمم المتحدة".

من جهته، يرى الباحث المصري المختص في شؤون الشرق الأوسط، فادي عيد، أن "التعاون في مجال الطاقة هو الهدف الاقتصادي الأبرز للزيارة".

ويقول عيد لموقع "الحرة"، إن "مصر لديها فائض من إنتاج الكهرباء لكنها بحاجة شديدة للنفط، بينما يعاني العراق من عجز بالكهرباء ولديه فائض نفطي مهول"، ولذلك تسعى القاهرة وبغداد إلى "سد كل جانب العجز لدي الطرف الآخر".

ويعاني العراق، الذي أبرم اتفاقات للتزود بالكهرباء مع تركيا والسعودية ودول الخليج الأخرى، من نقص في الكهرباء، يزداد سوءا خلال أشهر الصيف الحارة، حسب "رويترز".

ويملك العراق أحد أكبر احتياطات النفط والغاز في العالم، ويعد ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وفقا لـ"فرانس برس".

على جانب آخر، لدى مصر فائض من الطاقة، وتتطلع إلى زيادة صادراتها إلى العراق ودول منها السودان وليبيا والسعودية.

وتسعى مصر، وهي واحدة من 5 دول في العالم تعد الأكثر عرضة للعجز عن سداد ديونها الخارجية، إلى خفض استهلاكها المحلي من الطاقة من أجل زيادة كمية صادراتها من النفط والغاز وبالتالي زيادة مواردها بالدولار، حسب "فرانس برس".

والأحد، أكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن بلاده تعمل على تقوية خط الربط الكهربائي مع الأردن لاستيعاب قدرة تصل إلى ثلاثة جيجاوات، مع خطط لتوسيع "أطر التعاون المشترك" مع العراق.

وقال مدبولي "لدينا ربط كهربائي مع الأردن بطاقة حوالي 550 ميغاوات، ونعمل حاليا على تقوية الخط لاستيعاب قدرات أكبر بهدف الوصول للعراق أيضا حيث توجد إمكانية لزيادة قدرة خط الربط مع الأردن إلى اثنين أو ثلاثة جيجاوات".

وفي سياق متصل، قال السوداني، إن خطا ثانيا للربط بين الأردن والعراق سيتيح وصول "بعض الكهرباء المصرية إلى العراق"، ومن المتوقع أن تكتمل المرحلة الأولى من خط الربط الثاني في يونيو، حسب "رويترز".
رسائل سياسية؟

يؤكد عيد أن للزيارة أهدافا أخرى "غير الاقتصاد"، ويقول "من الصعب وضع العراق ومصر في معادلة واحدة والقول إنها اقتصادية فقط".

وتحمل الزيارة "رسائل سياسية موجهة لبعض الدول العربية"، وفقا لحديث عيد.

ويقول إن "العراق يرغب في التقارب مع مصر، التي لم تتدخل في شؤونه الداخلية خلال الفترة الماضية، على عكس بعض دول الخليج التي تورطت في دعم مكونات عراقية ضد الأخرى".

ويرى أن التقارب العراقي المصري يضيف المزيد من الاستقلالية لبغداد في مواجهة تدخل "دول عربية وغير عربية" في شؤون العراق الداخلية.

من جانبه يشير حسين إلى أن الزيارة تهدف لتعزيز الاتجاه العراقي الهادف لتحقيق "الحياد" في علاقات العراق بدول المنطقة، معتبرا أن القاهرة تشكل "مفتاحا استراتيجيا" لعودة العراق كفاعل حيوي في العلاقات العربية المشتركة.

ويرى أن العراق يسعى لتحسين وتطوير علاقاته مع العرب بعدما "تبنت أحزاب وقوى حليفة لإيران" سياسات منحازة لطهران على حساب الدول العربية.
ما دخل إيران؟

في أكتوبر 2022، تم تكليف السوداني بتشكيل حكومة عراقية جديدة بعد عام من الشلل السياسي، وفقا لـ"فرانس برس".

وشكلت زيارة السوداني إلى القاهرة محطة أخرى في جولات شملت الأردن وإيران والكويت والإمارات قبل ذلك، وهو ما يعتبره كلا من عيد وحسين "توجها استراتيجيا عراقيا جديدا لخلق توازن سياسي واقتصادي داخلي وخارجي".

وفي 21 نوفمبر 2022، زار رئيس الوزراء العراقي، الأردن، التي كانت المحطة الخارجية الأولى له بعد تسلم رئاسة الحكومة، وفقا لوكالة "شفق نيوز العراقية".وفي العاصمة الأردنية التقى بالعاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، حيث بحث الجانبان العلاقات الثنائية والملفات الاقليمية، والحرب على الإرهاب.

وفي 23 نوفمبر 2022، زار السوداني جاره بلاده الكويت، في أول زيارة رسمية لدولة خليجية، وهناك التقى بعدد من المسؤولين الكويتيينوهدفت الزيارة إلى "العمل لحلحلة عدد من الملفات الثنائية العالقة بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين من خلال التعاون البناء وتذليل العقبات التي تواجه تحقيقها"، وفقا لـ"وزارة الخارجية العراقية".

وفي أواخر نوفمبر زار رئيس الوزراء العراقي العاصمة الإيرانية، طهران، ودعا المسؤولون الايرانيون لزيادة التعاون بين البلدين في جميع المجالات.

ورحب السوداني بتزويد إيران للعراق بثلث احتياجاته من الغاز والكهرباء، قائلاً إن هذا الإمداد سيستمر إلى أن تتمكن بلاده من إنتاج الغاز الذي تحتاج إليه لتشغيل محطات الكهرباء.

وعلى الرغم من ثرواته النفطية، إلا أن العراق البالغ عدد سكانه 42 مليون نسمة، يواجه أزمة طاقة يومية، ويستورد حوالي ثلث احتياجاته من الغاز والكهرباء من الجارة إيران، التي تقوم أحيانا بقطع الإمداد ما يزيد من سوء انقطاع التيار الكهربائي، حسب "فرانس برس".

ومنذ إطاحة نظام صدام حسين في 2003، نما النفوذ الإيراني في البلاد بشكل تدريجي، لا سيما بفضل الروابط مع القيادات الشيعية التي تدير الحياة السياسية العراقية.

ويتجلى النفوذ الإيراني خصوصا في الروابط الوثيقة التي تجمع طهران مع الحشد الشعبي وهو تحالف لفصائل شيعية مسلحة تم ضمها إلى القوات الرسمية بعد الحرب ضد تنظيم "داعش"، وبات لها الآن دور سياسي أساسي، حسب "فرانس برس".

وفي مؤتمر "بغداد 2" الذي انعقد بالأردن، خلال ديسمبر من العام الماضي، دعت فرنسا وأطراف إقليميون العراق إلى الابتعاد عن المحور الإيراني من أجل حل الأزمات المتعددة التي تضرب منطقة الشرق الأوسط.

وفي 9 فبراير 2023، زار السوداني، الإمارات، والتقى رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبحث الجانبان سبل تعزيز التعاون السياسي والدبلوماسي والتجاري والاقتصادي، وفقا لوكالة الأنباء العراقية "واع".

ويستشهد عيد بالزيارات السابقة، ليقول إن بغداد ترغب أن تكون على "مسافة قريبة ومتقاربة" من كافة الأطراف الإقليمية بما يشمل إيران ودول الخليج.

ويشير إلى أن "العراق يسعي لإقامة نوع من التوازن في علاقاته بمحيطه الإقليمي، بهدف تحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي، والحيلولة دون التدخل في شؤونه الداخلية".

ويتفق معه حسين، الذي يؤكد أن العراق يحاول تبني سياسة التوازن في العلاقات الإقليمية مع دول الجوار جميعا سواء "العربية أو غير العربية"، مما يضمن لبغداد "نمطا من الاستقلال والحياد".

ويقول إن "سياسة التوازن" تضمن عدم التدخل في شؤون العراق السيادية وضمان الأمن والاستقرار الداخلي، وفي الوقت ذاته "تحييد القوى المتطرفة المتحالفة مع إيران"، على حد تعبيره.

الموضوع الأصلي: السوداني للقاهرة || الكاتب: الوافي || المصدر: مملكة السلطانة شهرزاد

http://shrzad.com

كلمات البحث

خواطر ، اشعار ، ادب ، تصميمات ، مقالات

المصدر: منتديات شهرزاد الادبية - من قسم: الأخبار العالميه والمحليه

---

hgs,]hkd ggrhivm

المصدر : || منتديات شهرزاد الادبية إسم الموضوع : || السوداني للقاهرة  القسم : || الأخبار العالميه والمحليه كاتب الموضوع : || الوافي

شكرا على الطرح المميز
لا عدمنا روعة مواضيعك