إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
إن من عظيم مقتضيات الإيمان أن يظن المرء بالله الظنَّ الحسن، فإذا ظن العبد بربه خيرًا، فهو من علامة إيمانه، وقوة يقينه، وعظيم توكله على الله تعالى.
يقول الرب سبحانه في الحديث القدسي: ((أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليَّ بشبر، تقربتُ إليه ذراعًا، وإن تقرب إليَّ ذراعًا، تقربتُ إليه باعًا، وإن أتاني يمشي، أتيته هرولةً))[1].
إبراهيم نبي الله عليه الصلاة والسلام دعا قومه إلى عبادة الله تعالى، وحده لا شريك له، وحاورهم بالأدلة النقلية والعقلية والمشاهَدة، وأقام عليهم الحُجة بعد أن هداه الله، وحطَّم أصنامهم وبدَّدها، إلا كبيرًا لهم، فأجمعوا أمرهم على أن يحرقوه، فأضرموا نارًا عظيمة ذات توهُّجٍ ولهبٍ، وذات حرارة شديدة: ﴿ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴾ [الأنبياء: 68 - 70].
وأُثر أنه عرض له جبريل وهو الهواء، فقال: ألك حاجة؟ قال نبينا إبراهيم: أما منك، فلا، وأما من الله عز وجل، فبلى.
وفي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين أُلقِيَ في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173]))[2].
وعندما كان نبينا صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الغار إذ همَّ المشركون بقتلهما: ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40].
يقول أبو بكر رضي الله عنه: لو أن أحدهم نظر إلى قدميه، لأبصرنا تحت قدميه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بسكينة وثبات قلبه وظن بربه حسن: ((يا أبا بكرٍ، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟)).
وموسى عليه السلام خرج بقومه من بطش فرعون وجنوده، فإذا البحر أمامهم، والجند وراءهم؛ فقال له أصحابه: ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾ [الشعراء: 61 - 63].
وهذا دأب الصالحين عباد الله؛ بالُهم مع الله سبحانه وتعالى، يحسنون الظن بالله سبحانه وتعالى.
وحسن الظن بالله يقود صاحبه إلى العمل الصالح، ويشْحَذُ همته للعبادة والتطلع إلى ما عند الله تعالى.
وحسن الظن بالله تعالى من أعظم أعمال القلوب، يدل على حسن الصلة بالله سبحانه، وإذا أحسنت الظن بالله – عبدَالله - عرفت الله، وعشت في هذه الدنيا بسعادة وطمأنينة، وعرفت سنة الله في عباده، وأن الله سبحانه لم يخلق الخلق سدًى وعبثًا، بل خلقهم لعبادته، وعرفت أن العاقبة للمتقين، وأن الله عز وجل سينهض بهذه الأمة؛ أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وسيدحض الكفر وأهله، وإذا أحسن العبد الظن بالله، علِم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
وإذا أُصيب بمرض عضالٍ أحسن الظن بربه، وأن الله عز وجل ما أراد له إلا الخير؛ ليرفع درجته، ويكفر سيئاته، وأن يجعل ما أصابه من ضرٍّ طهورًا له وأجورًا، وإذا مات بهذا المرض، ظنَّ بالله أن ما أصابه يدخره له يوم القيامة.
وفي الحديث: ((لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل))[3].
الف شكر لكِم على الموضوع الراقى
سلمت يداكم على طرحكم الاكثر من رائع
و الله يعطيكم الف عافيه...
وفي انتظاااارجديدكم دائما
.*. دمتِم بسعاده لاتغادر روحكم.*.